عمر إبراهيم الرشيد
يذكر المخترع الأمريكي الشهير توماس أديسون أنه كان قارئا للروائي الفرنسي الأشهر فيكتور هيجو صاحب رواية البؤساء وغيرها من الأعمال الأدبية المتجددة إلى يومنا هذا. كذلك قرأ أعمال الكاتب المسرحي والشاعر الإنجليزي الأول وليام شكسبير، وكان والد توماس أديسون يعطيه مكافأة مالية على كل كتاب يقرأه، وهو المخترع المعروف على مستوى البشرية ليس فقط بمصباحه الذي أنار كل بيت ومصنع ومستشفى بل مخترعات بالمئات حتى تخطت الألف اختراع. قراءة الروايات ليست للتسلية المحضة وإزجاء الوقت وإن كان هذا أحد مزاياها، إنما هي قراءة لمجتمع ما بطريقة أدبية يزين الخيال وقائعه وعاداته وثقافته وطرق تفكيره، أحيانا تكون هذه الرواية أحداثا متخيلة لكنها ترمز وتخبئ في مشاهدها صورًا حقيقية وشخصيات معروفة لدى القارئ الواعي الذي يقرأ بين السطور. وأحيانا تكون الرواية واقعية تحكي أحداثا وشخصيات حقيقية، إنما بدل أن تكون سردًا تاريخيًا تأتي في قالب ولغة أدبية يطرزها سيناريو ومشاهد إضافية من خيال الكاتب فتكون رواية تاريخية أو حتى سيرة ذاتية دون شرط أن يقر الكاتب بذلك. ومعروف أن الخيال عملية أساسية للإنسان حتى يبتكر ويخترع ويبدع في مجال ما، والخيال ينمو ويصبح منتجا بقراءة ما يشحذه من كتب علمية ومعرفية وروايات عظيمة وسير ذاتية ملهمة. وكمسلمين دائما ما نقف عند أعظم الكتب بإجلال وهيبة أمام كلام العزيز الحكيم، وهو أولى بالقراءة ومقدم على ما سواه، ثم تأتي بعده ما ذكرت من أعمال إبداعية إنسانية راقية على اختلاف مجالاتها. ولتأثير الرواية والقصة على تفكير ونفسية الإنسان فإن معظم كتاب الله قصص أو ثلثاه تقريبا، لأنها تثبت القيم وتبلغ العبر بطريقة مؤثرة فما بالك وتلك القصص حق ووقعت وحدث الله تعالى بها كما وقعت على مر الدهور والأزمان.
يعد فيودور دوستويفسكي من أعظم روائيي العالم وهو مؤلف رواية (الجريمة والعقاب) المعروفة. وسر تميز هذا الكاتب وشهرته أنه ألف روايات تغوص في أعماق النفس البشرية وصفا وتحليلا، روايات من صميم واقع المجتمع الروسي والأوروبي عامة، لكنه أسقط محاور رواياته على الطبيعة البشرية بشكل عام، وكانت رواياته متنوعة بتنوع السلوك البشري واختلافه من فرد لآخر. ألف روايات مثل المقامر، الأبله، الفقراء، المراهق، الجريمة والعقاب، الإخوة كارامازوف وغيرها، جسدت حالات نفسية وعقلية للإنسان متنوعة بني عليها دراسات نفسية عديدة، بل إن فرويد عالم النفس المعروف وصاحب مدرسة التحليل النفسي خرج بنظريات عديدة من قراءته لروايات دوستويفسكي وتعلم منه قائلا إنه وجد علم النفس فيها، وللحديث بقية. طابت أوقاتكم.