كبير هذا الحدث، وكبيرة هي المسؤولية، لكن الرجل أكبر، يواجهها واقفاً، ويتعامل معها واثقاً، ويعالج بالبحث والتفكير شاردها وواردها.
ذلك هو قائد هذه المنطقة الملتهبة من العالم؛ ملتهبة لأنها تتفجر تحتها الأرض خيراً دفاقاً تحمر له عين الحاسد وتضيق، وملتهبة لأنها موقد لا يخمد، يحرق أوراق اللعبة ويفوت الرهان على الخاسرين، وملتهبة - قبل هذا وذاك - لأنها الأرض التي صهرها الإيمان وطهرها، ولوّى نحوها أعناق العالمين، وأذل جباههم لعزته.
من أجل هذا كله وسواه كان هذا الوطن حصيناً منيعاً وسيجاً تحرسه العناية الإلهية بالسواعد والأفئدة والصدور والأعناق!
وجاء الحدث من العدو، والحدث «الدهشة»، والحدث «المفاجأة»، والحدث الذي كان يمكن في لحظة أن يطيح ببناء الإنسان من أساسه ويعصف بآمال عالم متحضر.
إن قدراً من «الصمت» ووقتاً مستقطعاً يأخذه رجل عاقل يعطي للموقف الصعب المساحة التي يستحقها، والزمن الذي لا يغامر فيه بردة الفعل.
وبكل المقاييس - مقاييس العقلاء - رسم عقل هذه الأمة وقائدها الخارطة «السياج» يطوق الفعل يرصد إيقاعه، ويضع الاستراتيجية وخياراتها.
إن سؤالاً بسيطاً لا بد أن يكون قد خطر على ذهن أي إنسان بسيط. ما الذي يمكن أن يحدث لو كانت ردة الفعل تلقائية؟ ومادام السؤال بسيطاً فإن الإجابة عليه ستكون أكثر بساطة، إنه الاشتعال الذي يمرر العدوان ويسمع بتوسعه .
كان قرار خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود - نصره الله - نقطة تحول كبيرة غيّرت مسار الحدث وأبعاده، وزمنه الافتراضي، وحرقت أوراق اللعبة. وفوّتتْ الفرصة لاستثمار الغبي لنزعة الشر وصلف القوة الجاهلة!
نقاط كبيرة وهامة، أضاءها حديث صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي ولي العهد النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع في الديوان الملكي يوم الثلاثاء 7 رجب 1438هـ الموافق 4 أبريل 2017م، لكبار مشايخ القبائل اليمنية، ولأفراد هذه الأمة العربية والإسلامية .. أعطت للحدث وخيوطه الدقيقة رؤية خاصة، تتجاوز الصورة والإطار إلى الجزئيات الدقيقة التي تكوِّن الصورة الكبيرة وإطارها .
ولا يحتاج المواطن اليمني، أو السعودي الذي عرف قائده إلى مزيد من الوقت ليعرف كيف يفكر، فالذي يتعامل مع أحداث متلاحقة في عالم واسع يستطيع أن يتعامل مع حدث قريب، وعدوان على جار قريب .
كلماتٌ كالدرر جاد بها صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز - حفظه الله - ولي ولي العهد النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، في الديوان الملكي أثناء استقباله كبار مشايخ القبائل اليمنية، تكشف عن قائد سعودي فذ، وتعكس ما يتحلى به سموه من رؤية مستنيرة وبصيرة متوقدة وأمل طامح وعزم متألق وتخطيط فائق وأفق رحب وعطاء متدفق، وصراحة وشفافية ووضوح.
حديث ولي ولي العهد إلى إخوانه اليمنيين والذي حضره معالي مساعد وزير الدفاع الأستاذ محمد العايش ومعالي رئيس الاستخبارات العامة الأستاذ خالد الحميدان ومعالي المستشار في الديوان الملكي المشرف العام على مكتب سمو وزير الدفاع الأستاذ فهد العيسى وعدد من كبار المسؤولين من مدنيين وعسكريين. هو وثيقة تاريخية تضع النقاط فوق الحروف حول الأحداث والمستجدات التي يعيشها اليمن السعيد بسبب (العدو) الذي سكر بخمر ثورته وعاش أوهام بناء امبراطورية فارس البائدة على حساب جيرانه، وبسبب مراهقته ومن عاونه.
ويؤكد - حفظه الله - في حديثه من جديد على ثوابت المملكة اتجاه معالجة الأزمنة الراهنة ومسؤوليتها التاريخية أمام أبناء الأمة العربية والإسلامية في ظل هذه الظروف الدقيقة من أن لا يمكن القبول بأي موقف إلا أن تعود الشرعية إلى حضنها بحول الله تعالى وقدرته.
ما يفرضه الواقع حالياً أنْ يساهم جميع اليمنيين في رسم خارطة الطريق كفريق جماعي يبدأ من قيادته الأعلى فخامة الرئيس عبدربه منصور هادي رئيس الجمهورية اليمنية وأعضاء الحكومة بمختلف أسمائها ومرجعياتها ومشائخ القبائل ورجال المقاومة، وأن يدركوا أنهم أمام فاصل تاريخي حقيقي يجب أن يفهموا أبعاده، يستوجب على جميع الشعب اليمني تزامناً مع ذلك أن يلبسوا لباس المصلحة الوطنية العليا والروح الانتمائية والاستشعار بحجم المسؤولية الجسيمة لمواجهة الخطر المتصاعد والذي باتت تشكله جماعات «العدو» وفقاً لمشروعها التدميري لليمن أرضاً وإنساناً، وهو الدور الذي يحتاج إلى معاضدة، كما عبّر بذلك الأمير محمد بن سلمان بقوله: «رجال اليمن ليسوا في حاجة لمساعدة أشقائهم فهم إذا استنفروا ووقفوا سوف يقضون على العدو ولن يقفوا حتى يكونوا في عقر دار العدو، لكن لا نستطيع نحن إخوانكم في السعودية ودول الخليج العربي ومصر والسودان والأردن والمغرب أو جميع أنحاء العالم العربي والإسلامي أن نرى استنفارا ووقفة للرجل اليمني دون أن نكون بجانبه، ونحن معكم في كل خطوة إلى آخر يوم في حياتنا كما كنا في السابق وكما سنكون في المستقبل».
هذه المرحلة أستطيع أن أسميها (كلنا مع اليمن)، وكلنا مع وطن نرسم مع قيادته وشعبه خطاه الجديدة بتفاؤل كبير وبدفن لمخلفات الماضي السلبية وإرهاصات الأحداث التي نبشتها الإملاءات الحزبية أو الخضوع الانهزامي لرغبات «العدو» وسننتظر تلك اللحظة التي قال عنها سمو ولي ولي العهد في اللقاء: «وبحول الله وقدرته وعزيمة الرجال أمثالكم فكل عدو مدحور في اليمن وفي كل مكان آخر».
- مدير العلاقات العامة والإعلام بإدارة التعليم بمحافظة وادي الدواسر