الموهبة من نعم الله تعالى يهبها لمن يشاء، فلا حصر للمواهب التي يمتاز بها البشر؛ فهناك مواهب متعددة تميز شخصاً عن آخر، تجعل الإنسان يحلِّق في سماء الإبداع. لكن الموهبة إن لم تنم وتطور فإنها تخبو وتتضاءل، فكما قيل إن الذكاء يحتاج إلى ذكاء.
نعم، الإبداع له درجات تجعل المبدع متميزاً ويسعى للحصول على التقدير لكن انعدام التقدير الذاتي، يؤثِّر عليه فتجعل المبدع يفتقر للنظرة الداخلية الحسنة عن شخصه، فتجد الصورة التي يشكلها عن ذاته سلبية ومحطمة، ويتخللها الضعف والخوف والإحباط، والشعور بالنقص والفشل الدائم. نعم في ظل تلك النفسية السيئة لا يمكن لبذور الموهبة الموجودة في الأعماق أن تنمو وتزهر، فلا بد للإنسان أن يبني ثقة عالية عن ذاته وتحسين مفهومه وتقديره الذاتي، فلا بد أنه يستطيع أن يفعل ما فعله غيره وأن يزيد عليه، لذلك يجب علينا أن نلتفت الموهوبين والنابغين في كل مجال، حيث ظهر لدى كثير من طلابنا وطالباتنا موهبة الفن وحب المسرح والإبداع في ذلك وأكبر دليل تلك المسرحيات التي عُرضت وفازت على مستوى المملكة فلا شك بأن الجميع لديه علم بأن فنّ المسرح يعرف بأنّه أبو الفنون، وذلك لأنّه أوّل أنواع الفن، فقد بدأ فن المسرح منذ أيّام الإغريق والرومان، وقد اشتهر فن المسرح لما كان له من أثر على النفوس، فقد كان يعتبر الفن المسرحي في ذلك الوقت الوسيلة الوحيدة حتّى يعبّر الإنسان عمّا يجول في خاطره وهنا يجب أن نوضح ما للمسرح من أهميه بالنسبة للعملية التعليمية من عدة نواحٍ أما على المستوى التعليمي: يمكن أن تفيدنا ممارسة المسرح المدرسي كدعم وتقوية في التدريس، وهو ما يمنحنا إياه التعليم المصغّر باعتباره نموذجاً للتعليم الفردي في التقنيات البيداغوجية سواء في إطار التمارين الإعدادية أو التمهيدية، ولعل من المفيد هنا أن ننقل ما قاله «مارون النقاش» عن دور المسرح التعليمي الأخلاقي بقالب ترفيهي في سياق حديثه عن مسرحية البخيل 1847م قائلاً: «إن للمسرح وظيفة تعليمية الهدف منها نقل درس أخلاقي ضمن موقف درامي معين».. وأما على المستوى الاجتماعي: فيسعى المسرح المدرسي إلى تعويد المتعلمين على كيفية الاندماج في الجماعة وربط حياتهم اليومية مع الوسط المدرسي، وذلك عن طريق الاهتمام بقضايا المجتمع وبالاحتفال بالذكريات والأعياد وغرس القيم المجتمعية السامية كتنمية روح التعاون، نعم يعتبر المسرح المدرسي خطاباً تربوياً يعلّم الأطفال اكتشاف الذات ومن خلالها تتم عملية اكتشاف العالم من هنا تبدو أهمية الأنشطة المسرحية التي عكف خبراء التربية والتعليم على دراستها، ويعبر «سليد» عن أهمية المسرح المدرسي في جملة واحدة مختصرة حين يقول: «إنه - أي المسرح المدرسي- يساهم فإيجاد فرد سيد ومتوازن». وهكذا فالمسرح المدرسي قناة من القنوات التربوية المهمة في مجال تكوين وبلورة شخصية الطفل نفسياً واجتماعياً ووجدانياً علاوة على ما يحققه من إشباع لرغباته في اللعب والتقليد والمحاكاة والتعبير وصقل الموهبة يعالج حالات الخوف والخجل من مواجهة الناس والتي تؤثِّر بدورها في طريقة إلقاء الكلمات للتلميذ فتصيبه بعيوب في النطق كالتأتأة والفأفأة؛ فيمكن علاج ذلك بأن يمنح المدرس التلميذ الثقة في نفسه ويجنبه كل خوف ويجعله يواجه الجمهور من خلال المشاركة في الأعمال المسرحية من هنا نحيي وزارة التعليم على الاهتمام بالأجيال ومحاولة تنمية مهاراتهم في كل مجال، فلقد شاهدنا عروضاً مسرحية مميزة لطالباتنا جعلتنا نصفق ونهتف، ونحن نشاهد تلك المسرحيات الهادفة على مسرح التعليم بالجنادرية من طالبات موهوبات أبدعن في إبراز المعنى المراد للمشاهد، ومن هنا أنادي برعاية الموهبة وأن تكون جميع الأعمال هادفة من أجل الوطن.