روما - سهيلة طيبي:
تلقى السفير السعودي بإيطاليا ومالطا الدكتور رائد بن خالد قرملي دعوة من قِبل الفنانة الإيطالية ريتا باريجللي التي تقيم معرضًا بوزارة الخارجية الإيطالية؛ وذلك لحضور معرضها الخاص بالخط العربي. وقد قام بتمثيل سعادة السفير الملحق الثقافي السعودي عبدالعزيز الغريب مرفوقًا بمسيري مدرسة الملك عبدالعزيز بروما، الذين قاموا بزيارة المعرض.
وقد كان في استقبال الملحق الثقافي السعودي الدبلوماسي الإيطالي إدواردو بارزي. وقد طاف سيادته برفقة المسؤول الإيطالي والفنانة باريجللي في أروقة المعرض، وأصغى باهتمام لشروحات قدمتها الفنانة عن لوحاتها الفنية.
وقد لاحظ الملحق أن تلك اللوحات أغلبها يعبِّر عن الثقافة الشرقية، وتحادث مع الفنانة متوقفًا مطولاً أمام اللوحات الخاصة بالخط العربي، وحدثته الفنانة عن مراحل تخصصها في هذا النوع من الفن، وعن الأسباب التي جعلتها تقدم على دراسته.
وفي آخر الزيارة عبَّر الملحق عن رأيه في هذا المعرض قائلاً: جاءت زيارة المعرض استجابة للدعوة التي تلقتها السفارة السعودية بإيطاليا، وعلى رأسها سعادة السفير، فأنا سعيد جدًّا بزيارة وزارة الخارجية ومعرض الفنانة الإيطالية ريتا باريجللي التي تجمع أعمالها بين الرسم والخط العربي، وهي تنقل في لوحاتها الأنماط الثقافية الشرقية، كالأزياء الشعبية العربية وبعض أشكال الحياة اليومية. وأضاف الملحق بأنه شاهد إلى جانب هذه اللوحات جزءًا من لوحات الخط العربي القديم، كالخط الكوفي والديواني، وأعرب عن اهتمام المملكة بمثل هذه المبادرات المميزة التي تسعى إلى ترويج الثقافة العربية في الخارج. وعن سؤال وجهناه لسيادته عن الفنانة ريتا باريجللي بما أنها تهتم بالثقافة العربية، ومن خلال إقامتها هذا المعرض كيف يمكن لها أن تخدم الثقافة العربية في إيطاليا؟ أجاب قائلاً: يكفي أن تنقل بلوحاتها المعبرة ثقافتنا بشكل موضوعي؛ لأنها ابنة المجتمع الإيطالي. وتابع حديثه قائلاً: سنوجه لها دعوة لزيارة المركز الثقافي السعودي للقيام ببرامج مشتركة ودورات مختلفة، وسننظم لها زيارة للسعودية لإقامة معارض عن ثقافة الحوار. وبالتأكيد سنتيح لها الوقت الكافي للتعرف على عادات المجتمع السعودي وتقاليده. وواصل قوله قائلاً: إن الفنانة ريتا ستيسر لنا التواصل مع المؤسسات الإيطالية والفن التشكيلي الإيطالي، وستنقل ملامح الثقافة العربية، وبالأخص السعودية، فنحن مجتمع يملك تراثًا غنيًّا.
هذا، وقد تزامنت زيارة الملحق السعودي مع زيارة تلاميذ مدرسة الملك عبدالعزيز بروما، الذين تتراوح أعمارهم بين 11 سنة و14 سنة، برفقة هيئة التدريس، وعلى رأسها مدير المدرسة صلاح الشمراني. نذكر أنه لدى وصول تلاميذ المدرسة السعودية قاعة العرض بدؤوا يشاهدون اللوحات، ويلقون بعض الأسئلة على الفنانة. وقد ألقت التلميذة مسار القحطاني أسئلة عن الخط العربي وُجِّهت للفنانة، وعن دواعي ميلها لهذا الفن؟ أما التلميذ سعد الشمراني فقد أراد أن يشارك الفنانة ريتا في تجربة الخط العربي متابعًا باهتمام كل الاستفسارات التي قدمتها الفنانة. من جانب آخر، عُقدت لتلاميذ المدرسة والمرافقين جلسة للاستماع لتعليقات الفنانة، كما ألقى مدير المدرسة كلمة بالمناسبة عن تاريخ الخط العربي. هذا، وقد قدمت الفنانة نموذجًا لكيفية صنع الأقلام المستعملة في الكتابة، وروت حكايتها مع حبر الكتابة من خلال تجربتها خلال إقامتها بمصر؛ إذ استعملت مواد تقليدية، كان يصنعها بعض الفنانين في القاهرة. واندهش التلاميذ من خبرة الفنانة وإتقانها استخدام الأقلام ونحتها.
ومع انتهاء زيارة المدرسة السعودية للمعرض أخبرنا المدير قائلاً: نحن سعداء بزيارة هذا المعرض. مضيفًا: لقد ارتأينا أن يشاركنا هذا الحفل عدد كبير من التلاميذ؛ لكون المكان مَعلمًا من معالم السياسة الدولية، وكذلك تشجيعًا وتعزيزًا لأواصر العلاقات الثقافية العربية مع إيطاليا. وقد عبَّر لنا تلاميذ المدرسة عن سعادتهم الكبيرة بزيارة المعرض، وأخبرونا بأنهم سعداء بالتعرف على فنانة إيطالية تحب الثقافة العربية.
من جانبه، عبّر الدبلوماسي الإيطالي فتاني إنريكو عن سروره لحضور معرض الفنانة ريتا باريجللي التي تعبّر من خلال لوحاتها عن حب وتقدير للوطن العربي. كما قالت السيدة أفرسانو نونسيا، وهي موظفة بالوزارة: استطعت عبر هذا المعرض أن أكتشف العالم العربي وثقافته الغنية؛ فاللوحات التي رسمتها ريتا معبرة جدًّا، لكن الأجمل كانت لوحات الخط العربي التي زادت من حماستي للتوغل في معرفة وقراءة أسرار هذا الفن الجميل. حقيقة، بالنسبة لي ولأغلب من حضروا المعرض، هذا الفن راقٍ، وهو يدل على عمق الحضارة العربية. وأضافت بأنها معجبة بالخط العربي كثيرًا، وهي تشكر زميلتها الفنانة ريتا باريجللي على هذا المعرض؛ لأنه اختصر المسافات بين إيطاليا والعالم العربي.
وقد تخلل هذا العرض حضور الفنان العراقي أمجد الرفاعي الذي قدَّم لبعض الزوار الإيطاليين شرحًا عن تاريخ الخط العربي وقواعده، وأخبرنا أن الفنانة ريتا من المبدعات، وأن عملها هذا ليس سوى نتاج تكوينها المتواصل الذي تلقته في هذا التخصص. وأضاف بأنه في البداية اندهش لحماسة الفنانة ريتا، كيف بدأت رحلة بحثها الفنية؛ فقد حرصت على حسن اختيار الكلمات التي قامت بكتابتها، مثل البسملة المدونة بالخط النسخي، وكلمة «كرامة» المدونة بالخط الكوفي. وقد أضفت الفنانة على أعمالها لمسة عصرية، أرادت من خلالها أن تمزج بين الفن القديم والفن الحديث. موردة أن اختيارها كتابة البسملة يعود لتكررها على مسمعها كلما حلت ببلاد المسلمين. أما كلمة حب التي نجدها في قلب الوردة المزدانة باللون الأزرق السماوي والفاتح فهي مكتوبة بالخط الديواني، وبررت اختيارها لها بأهميتها في الوجدان العربي؛ فهي تعني الأخوَّة والمودة. ومضيفة بأن الإيطاليين شعب يتوق إلى الكلمات الحساسة والجميلة. كما اعتبرت الفنانة أن إحدى لوحاتها المكتوب عليها «رمضان كريم» هي تعبير عن قدسية هذا الشهر لدى المسلمين احترامًا لشعائرهم الدينية.
ويُعد هذا المعرض من أهم المعارض التي أقيمت في الوزارة الخارجية فيما يخص الثقافة العربية؛ إذ أشرفت على المعرض جمعية كاسا موتوا بروما، وهي جمعية تهتم بالمبادرات الثقافية والفنية.
ومن جانبنا، تابعنا باهتمام هذا المعرض، وقمنا بتغطية فعالياته.
ونشير إلى أن الفنانة ريتا باريجللي قد تعلمت العربية طيلة ست سنوات على يد البروفيسور التونسي عزالدين عناية بجامعة روما لاسابيينسا. وحسب رأيها، فقد بدأ ولعها بالعربية منذ فترة؛ ويعود ذلك إلى عملها الدبلوماسي الذي أتاح لها فرصة التعرف على الثقافة العربية. في البدء كان تعلمها العربية استعدادًا للعمل الدبلوماسي؛ لتنساق لاحقًا باتجاه العمل الفني، وتحديدًا التخصص في الخط العربي بالتحاقها بمدرسة بيت السناري في القاهرة، وذلك طيلة فترة إقامتها بمصر التي دامت بين 2007 و2012. هذا، وقد شاركت الفنانة الإيطالية في العديد من المعارض داخل إيطاليا وخارجها، وأهمها معرض باليرمو في 25 يناير 2015، وتم اختيار «لوحة كرامة» كأفضل لوحة، وكذلك معرض روما العالمي في 18 مايو 2015؛ إذ شاركت بلوحات من الخط العربي، وهو معرض تناول تاريخ الفن الإيطالي منذ أيام الرسام الإيطالي كارافاجو إلى يومنا هذا، وأقيم في ساحة الشعب بالعاصمة روما. كما اختارت مجلة «إيفيتو آرتي» الفنية إحدى لوحاتها على غلافها الشهري.