د.عبدالعزيز العمر
كثيراً ما تحدث البعض من رعيلنا الأول عن ذكرياتهم الجميلة حول دراساتهم العليا في الولايات المتحدة الأمريكية، ومن بين هؤلاء الرواد يقفز إلى الذهن الآن معالي الدكتور غازي القصيبي رحمه الله ومعالي الأستاذ عبدالرحمن السدحان.
ولي شخصياً تجربة ابتعاث مدتها سبع سنوات قضيتها في الولايات المتحدة، ولا زالت ذاكرتي تحتفظ بمخزون مميز من الذكريات والمواقف التي مررت بها أثناء فترة الابتعاث، وهي ذكريات عزيزة على نفسي لم يخفها عجاج الأربعين عاما التي مرت عليها. ونظرا لضيق المساحة دعوني أوجز لكم طرفا من هذه الذكريات.
كنت ادرس مقررا بصحبة خمسة آخرين عرب (بينهم فلسطيني وليبي)، وكان الوقت رمضان، وكان وقت صلاة العصر يحين في منتصف المحاضرة، واتفقنا جميعاً أن يقوم احدنا في أثناء المحاضرة بإعطائنا إشارة حلول صلاة العصر، وما إن أومأ لنا الزميل بحلول وقت الصلاة حتى اندفعنا جميعا خارجين من القاعة مرورا بجانب المحاضر، وفي لحظة مغادرتي القاعة سمعت المحاضر يقول لبقية الطلاب الأمريكان مستغربا خروجنا الجماعي: هل أنا قلت شيئاً خطأ؟!.
أما الموقف الآخر الذي لا أنساه فقد كنت مع زملائي في إحدى قاعات الدرس ننتظر قدوم أستاذ الفيزياء، وفي لحظة دخل علينا في الفصل رجل عجوز رث المظهر ذو شعر ابيض كثيف وهو يحمل على كتفه بندقية، داخلني فزع شديد، فربما كان هذا العجوز معتوها، وفي اللحظة التي كنت أفكر فيها في الخروج من القاعة سمعت صوت دوي رصاصة أطلقها هذا المحاضر. وعندما انجلى الموقف تبين لي لاحقا أن المحاضر كان يريد أن يشرح لنا مفهوماً فيزيائياً، كم أحببت هذا الأستاذ الجامعي وأعجبت به لاحقاً.