د. هيا بنت عبدالرحمن السمهري
كان مساء الثلاثاء الماضي منهمراً بمفاخر أبها التي ألبستها حلل الوصول لتكون عاصمة للسياحة العربية لهذا العام 2017، فكان احتفاؤها بالاستحقاق تصنيفاً آخر في مزج ألوانها، وصيد معانيها، ولقد تواشج الحدث مع ابتهاج مواطنيها الذين لبسوا روح الاحتفاء توظيفاً للموروث المحلي واستعراضاً لتراث المنطقة بشكل عام وأبها بشكل خاص, فكانت معاني احتفالهم تحمل كل وجودهم فيها، يتمثلون حلو لهجاتها ويستشرفون من خلالها مستقبلهم الودود معها، وفي ذلك المساء صدحت أطيارها بنبض مخملي نحو أبها «لا تلوموني في هواها قبل ما تشوفوا بهاها» قلبي ما يعشق سواها....» قلبي حبك والله يا أبها أنت أجمل من خيال» «وبين أبها وبيني حب تفداه عيني» وختموها برائعة جديدة (جبين الصبح يا أبها) التي كانت مفتتحا نال الاستحقاق في مساء أبها التي أيضاً نالت الاستحقاق أن تكون عاصمة للسياحة العربية, كل ذلك تجاوز في بروزه اللحظات المعتادة إلى لحظات تقنية عالية غير مسبوقة حين كان الإخراج مبهراً.
أبها تلك المدينة الطافحة بين الجبال التي يعانق الضباب شموسها؛ تلك الباسمة بورودها وبرودها؛ وذلك الفضاء الذي يحاكي أطواق الجمال حينما تحيط بأعناق الحسان؛ تحمل مهادها من التضاريس البراقة المتربعة على بساطها الأخضر الممتد، وتستقبل صوت رعودها وبروقها لتزيّن آفاقها عِهاداً يسرّ الناظرين ويروي الظمأى:
عِهاد الغيث منهمراً سكوبا
ملثا يهضب الربع الحبيبا
تُغاديه السحائب مُدجناتٍ
وتمنح طيبه المعهود طيبا
فما أبهاك يا «أبها» جناباً
وما أنداك يا أبها هبوبا
نعم، في ذلك المساء كانت المراكب تنساب, وهي تحمل «أبها» فوق صهواتها لتحط في بحيرة سد أبها بعنفوانها وشموخها تحيطها السهول المتأبية والمناخ الودود، والأجنحة النابضة بالمكون العسيري الفريد بكل تجليات العروض وقد طوقتها بهجة المناسبة، وهناك كان إعلان فوار من صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن خالد بن عبدالعزيز أمير منطقة عسير أن «أبها» تعقد العزم أن تكون الأبهى من خلال استثمار كل مقومات التفوق السياحي، وأن عالم «أبها» السياحي سيكون مختلفاً زاخراً وفيراً، وأن ابتهاج «أبها» باختيارها عاصمة للسياحة العربية سيتعالق مع جهود فوارة لترقية الواقع السياحي في بلادنا الغالية، وأن ذلك الفوز من ممكنات تحقيق رؤية بلادنا الحضارية 2030 حيث إن الجذب السياحي من أولوياتها، وأشاد سمو أمير عسير بالموقف البشري المتفوق لمواطني عاصمة السياحة العربية «أبها» الذين كانوا بجهودهم خلف ذلك التتويج الفاخر تفاعلاً وتقبلاً لمفهوم السياحة من خلال الاستفادة المثلى من خاصية التنوع المناخي والبيئي هناك ومقومات السياحة الجاذبة؛ ولذا كانت تنمية القطاع السياحي في «أبها» ورفع سقف مساهمته في الناتج المحلي مؤكدة -بإذن الله- لأن أبها نموذج استثماري سياحي قادم بقوة لصناعة السياحة المتطورة، وتحقيق استثمارها في الموارد البشرية دون الاتكاء على الطبيعة المصنوعة.. وحتماً فإن من ممكنات الاستثمار في السياحة في عسير وجعلها صناعة اقتصادية أن تعتمد على المعطيات المتوفرة في البيئة العسيرية بشكل خاص، والقاعدة الإنتاجية الجاهزة للتعبئة هناك، ومن الأهمية تحفيز القطاع الخاص للمشاركة الفاعلة في الاستثمار السياحي من خلال إقرار الأطر التنظيمية المرنة القابلة للتحول والتطوير ومن خلال بناء جسور من الترابط في مجال التخطيط والتشغيل السياحي بين الجهات المعنية وهذا القطاع الحيوي الهام في عاصمة السياحة العربية «أبها» الأزكى شذى والأنضر وجهاً «كما باح لها الدكتور غازي القصيبي -رحمه الله:
يا عروس الربى الحبيبة أبها
أنت أحلى من الخيال وأبهى
كلما حرك النفوس جمال
كنت أزكى شذى وأنضر وجها
شكراً لإمارة منطقة عسير على الدعوة الكريمة لنشهد مع عاصمة السياحة العربية تتويجها.