د. عبد الله المعيلي
نظم الأزهر الشريف عقد المؤتمر السابع والعشرون للمجلس الأعلى للشئون الإسلامية بالقاهرة مؤتمراً حول تطرف الخطاب الديني، حضره حوالي مائة شخصية إسلامية، حضره نائب وزير الشئون الإسلامية وألقى كلمة موفقة تعبر بوضوح عن موقف المملكة وسمة خطابها الواضح الصريح من الإرهاب والتطرف الديني.
إلى عهد قريب جداً، ومفاهيم الإرهاب والتطرف في الخطاب الدعوي غير متداولة البتة، في الخطب والمواعظ، وغير معروفة في الأصل بين عامة الناس فضلاً عن العلماء، دين الإسلام دين وسط، في كل مجالاته، في العبادات في العلاقات في كل شئون الحياة، قال تعالى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا} (143) سورة البقرة، جعل الله أمة الإسلام أمة وسطاً في كل أمور الدين، وسطاً في العبادات، وسطاً في مخاطبة الناس وفي معاملتهم ودعوتهم للدين والخير، قال تعالى: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ} (159).
وعندما خرج شيطان إيران الخميني، وبدأ في تبني فكرة التوسع في نشر مذهب التشيع الصفوي المجوسي في الدول السنية تحديداً، وصار يجاهر بمعاداة علنية للسنة النبوية الشريفة التي تلتزم بها المملكة العربية السعودية في خطابها ودعوتها، ولعلمه المسبق أن السنة المطهرة النقية الصحيحة وفق مصادرها الشرعية، لأنه يعدها العقبة في طريق دعاوى التشيع الزائفة المتناقضة التي تعتمد البكائيات والكذب على آل البيت رضي الله عنهم، وصار خطاب ملالي إيران خطاب عداء وبغضاء وتحريض ضد المذهب السني علانية، وبدأ في تكوين خلايا سرية تكفيرية ضالة من فئة قليلة مريضة نفسياً من أبناء السنة، وشلة من مجرمي الحروب القتلة من سجون العراق الذين أطلقهم المالكي مثل الكلاب المسعورة، ومن الذين هيأهم الأسد لتبني الإرهاب ونشر الفوضى في الدول العربية التي لم تعرف يوماً أي صورة من صور الإرهاب والقتل والتدمير والتفجير، وبدأ ملالي إيران في ترويج أن المذهب السني هو مصدر الإرهاب ومغذيه، كما حرضوا بعض الموالين لمذهبهم من الشيعة في الدول العربية في المجاهرة بعداء حكامها والخروج عليهم، وبدأوا يمارسون فعليا عمليات إرهابية، فصاروا يفجرون الممتلكات العامة، ويقتلون رجال الأمن، يثيرون الفوضى والمظاهرات في الشوارع وحرق الإطارات، لذا كان لا بد من التصدي لهذا السرطان الخبيث الذي أضحى ينهش في البنى التحتية وطال المقدرات والمساجد والبشر.
عندئذ ظهرت مواقف تتصدى لهذا الخطل الفكري، والتعدي والقتل، من المتحمسين الذين لم يحسنوا التعامل مع المستجدات بحكمة.
الثقافة الإسلامية ثقافة وسطاً، في مفاهيمها كلها، لا تعرف العنف ولا التطرف، لا غلظة ولا فظاظة، لا في القول ولا في العمل، بل لين وتسامح وابتسامة، هكذا هي وستظل كذلك ولن تلتفت للدعاوى المغرضة والمواقف المنفعلة التي سلكها جل قادة الغرب.
إن التعامل مع المخالفين يتم وفق منهج وسطي معتدل واضح بحيث لا يميل كل الميل إليهم ولكنه في الوقت نفسه لا يعاديهم قال تعالى: {لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ}، وفي الآية التالية {إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَن تَوَلَّوْهُمْ وَمَن يَتَوَلَّهُمْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} (8-9) سورة الممتحنة.
منتهى العدل والسمو في التعامل المنصف المبني على أسس أصيلة منطقية.