رقية سليمان الهويريني
غيرت الأستاذة عائشة محمد شبيلي الفكرة المتجذرة في عقول أغلب فئات المجتمع حول مهنة النجارة وحكرها على الرجل! علماً أن الرجل السعودي يأنف العمل بها؛ برغم أن النجارة أجمل المهن وأرقاها لأنها أحد فروع الفنون، لدرجة وصف النجار بالنقاش!.
وعائشة شبيلي سيدة من جازان قامت بمبادرة نبيلة، حيث أنشأت «مركز إبداع المرأة السعودية» لإقامة دورات تدريبية لصناعة الأثاث كالنجارة والتنجيد وخياطة الستائر، واستهدفت تدريب السيدات والفتيات ذوات الدخل المحدود ومستفيدات الضمان الاجتماعي والجمعيات الخيرية، بهدف إكسابهن مهنة تكفهن عن الحاجة والسؤال، وقامت باستئجار مبنى على حسابها الخاص. وكانت بدايتها بسيطة لا تعدو عن منشار ومولد كهربائي واحد ومكينة خياطة. ثم تزايد الطلب والإقبال على الدورات وحققت نجاحات وإنجازات هائلة، حيث دربت على مدى ثمانِي سنوات أكثر من 500 فتاة يمتلكن المهارة في النجارة وصنع الأثاث والتنجيد، وهي بذلك تكون قد ساهمت في إيجاد حل للبطالة.
ومن المفاجآت الجميلة أن عائشة فازت بجائزة (أجفند) الدولية في الأمم المتحدة المخصصة للمشروعات المنفذة لمكافحة البطالة بمبادرات فردية، حيث تعد إسهاماتها أحد المشروعات الحيوية التنموية والخيرية. وحصولها على الجائزة يعتبر فخراً لها وللمرأة السعودية، ونسبت الجائزة لوالدها الذي جعلها تصنع سريراً لها بيدها لتنام عليه الذي كان لديه فهم متقدم لبناء الإنسان وصون كرامته.
وسبق هذه الجائزة حصولها على جائزة أمير منطقة جازان للأداء المميز وجائزة الملك خالد فرع شركاء التنمية وجائزة الأمير عبدالعزيز بن عبدالله العالمية لريادة الأعمال، فئة أفضل ابتكار في المسؤولية الاجتماعية.
ولئن أبرزت عائشة شبيلي جمال الأعمال والأشغال اليدوية بأنامل أنثوية ذهبية وذوق رفيع، كما شرعت بتغيير النظرة النمطية للعمل المهني؛ فإنها لازالت تحلم بتصدير إنتاج المرأة الوطني بدلاً من استيراد كميات هائلة من الأخشاب ذات الأشكال الباهتة! وإني لأتمنى من رجال وسيدات الأعمال والصناديق الخيرية تبني فكرتها وتعميمها على جميع مناطق المملكة.
وما أرجوه؛ أن يفتتح في الرياض «معهد عائشة شبيلي لصناعة الأثاث» بإشرافها، وأتطلع أن أكون ضمن المتدربات ومن أوائل المتخرجات، فهل نراه واقعاً ملموساً، ونستغني عن رداءة إنتاج العمالة؟!.