هجرة الأطباء عادة تحدث في الدول الفقيرة التي لا تستطيع أن تستقطب أطباءها والإبقاء عليهم في حدود الوطن، وكما هو معروف فالأطباء هم ثروة الوطن ولا تُقدر بثمن مهما طال. وهجرة الطبيب السعودي تحدث داخلياً أو خارجياً، داخلياً حيث طبيب وزارة الصحة يفضّل العمل في مستشفيات القطاع الخاص، أو خارجياً حيث يجد البيئة المناسبة للعمل والتقدير والراتب الذي يصل عدة أضعاف لما يحصل عليه في وزارة الصحة، وربما أطباء وزارة التعليم.
مملكتنا الغالية لديها مخزون بشري كبير ناجح في كافة نواحي الحياة، والطبيب السعودي هو إحدى نتاج هذا المخزون؛ فالطبيب السعودي يتصف بالوعي والخبرة والدراية والوقوف على أحدث ما تنتجه شركات الأدوية ومختبرات الطب العالمية، ويتميز بالإنسانية في تعامله مع المرضي. فلماذا يهاجر للخارج؟ أهو سلم الرواتب المتدني والبدلات التي بدأت تتلاشي أم هي بيئة العمل الطاردة أم عدم التقدير في الأداء؟!.
في بعض الأحيان هذا الوضع يؤدي إلى الإحباط والأخطاء الطبية التي يدفع ثمنها المريض. ملايين الريالات التي تدفع على عقود لاعبي كرة القدم: لماذا لا يكون مثيلها تدفع على عقود الأطباء السعوديين.
للإحصاء أهمية كبيرة في حياتنا السياسية والاقتصادية والثقافية والطبية والرياضية فهي الطريقة المثلي للتخطيط ووضع الأهداف التي تحقق المطلوب. سؤال موجه لوزارة الصحة: كم عدد الأطباء السعوديين الذين يعملون في الخارج؟ في كندا وفي أمريكا وفي دول أوروبا؟ كم عدد الطلبة الأطباء المميزين المبتعثين الذين يعملون في الخارج وتأتيهم عروض مالية وحوافز يا وزارة التعليم؟ كم عدد الأطباء السعوديين الذين يعشقون العودة للوطن حين يحسن سلم رواتبهم. ربما تكون الإجابة عند الهيئة العامة للإحصاء.
الإحصائيات غير المؤكدة والتي تؤكدها وزارة الصحة تقول إن عدد نسبة السعوديين العاملين في القطاعات الصحية المختلفة لم تتجاوز 30.4 في المئة من إجمالي الممارسين الصحيين، حيث بلغ عددهم 139 ألف ممارس صحي سعودي، في وقت بلغ عدد الممارسين الصحيين الوافدين 317 ألفا. لماذا يا وزارة الصحة؟ هل لدينا نقص بخريجي الأطباء من الجامعات السعودية ومن الطلبة المبتعثين أم هناك مشكلة مع الطبيب السعودي؟.
هل قارنت الوزارة بين راتب الطبيب الأجنبي والسعودي؟ هل قارنت الوزارة بين راتب الطبيب السعودي في القطاعين الحكومي والخاص؟ هل تعرف سلم رواتب الأطباء في دول الخليج العربي؟
تابعت من خلال القناة الإخبارية السعودية المميزة في برامجها الهادفة ليلة الثلاثاء 8 جمادي الآخرة 1438 هجرية برنامج مباشر حول هجرة الأطباء السعوديين للخارج، وما لفت نظري الإحصائية التي عرضت بالبرنامج وهي: يعاني 24% من الأطباء السعوديين من سوء بيئة العمل، 35% من ضعف سلم الرواتب، 41% من عدم التقدير.. لمْ أفهم عدم التقدير إلا بعد تقديم بعض الأمثلة، ومنها التعسف في تقييم الأداء، عدم وجود مكاتب مناسبة أو عدم وجودها أصلاً، كم هو مؤلم أن يشعر الطبيب السعودي بعدم التقدير: هل هي أزمة إدارة أو مديرين.
وفي الختام، يا وزارة الصحة، ومع وزيرك الناجح، قلّلي من الفوارق بين رواتبكِ ورواتب القطاع الخاص، وافتحي صدركِ وقلبكِ للأطباء السعوديين الذين في الخارج، واردمي فجوة النقص في الكادر الطبي.