«الجزيرة» - أحمد المغلوث:
قفز اسم (جادة الشنزليزيه) أشهر شارع في العالم ليكون حديث مختلف وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة بعد الحادث الإرهابي الذي قتل فيه شرطي فرنسي وأصيب اثنين.
وهذا الشارع الذي يعتبر كما ذكرت في البداية الشارع الأشهر وحتى الأجمل والذي يمتد من ساحة «الكونكورد» ساحة التعاون أو التعاضد القريبة من حدائق متحف اللوفر ليمتد الشارع حتى «قوس النصر»، وهذا يعطيه ميزة متميزة وفريدة في ذات الوقت. وأذكر عندما كنت ضمن وفد ثقافي في باريس قبل عقود وكنا أعضاء الوفد في حافلة وعند مرورنا بجادة «الشانزلزيه» راح المرشد السياحي يتحدث شارحا لنا عن تاريخ الجادة وناقلا لنا أسف بلدية باريس كون الشارع نفذ في عهد العربات التي تجرها الخيول، ومع أنه كان ذا سعة كبيرة في ذلك الوقت. إلا أن التطور والنمو الهائل الذي شهدته باريس جعل الجادة تعاني من ازدحام المركبات والسيارات. حيث يزيد عرضها على 71 متراً «فجادة فوش المقابلة لها تزيد على 120 متراً وتحفل بتاريخ غني بالأحداث، إذ سار عليها ملوك وأباطرة فرنسا، ومن ثم الزعيم النازي أدولف هتلر الذي احتل باريس، والجنرال شارل ديغول الذي حررها، بل لأنها وقبل كل شيء تعتبر ملتقى السائحين من كل أقطار العالم، يفدون إليها للتنعم بجمالها والتنزه على جوانبها. مع أن الشارع يمتد لحوالي 1.91 كم من خلال الدائرة. ولا غرابة أن يعتبر الفرنسيون هذه الجادة أجمل شارع في مدينتهم العالمية بل في العالم، لذلك تعتبر مبانيها التي تقع على الجادة مباشرة أو خلفها أو في محيطها من أغلى المباني في العالم.. والمثير للدهشة انك عندما تجلس في أحد مقاهي الرصيف المنتشرة في الشارع تستطيع أن تسمع مختلف لغات العالم بل ربما وجدت العديد من المشاهير يشاركونك الجلوس في هذه المقاهي. وفي الشارع تجد مختلف معارض الشركات العالمية المتخصصة في إنتاج العطور والحقائب والملابس النسائية والرجالية إضافة إلى دور السينما والمسارح ومختلف المعارض. والبنوك ومكاتب شركات الطيران العالمية. حتى أكشاك الصحف تجدها تتوزع في هذه الجادة المعطرة بعطور نسائها وبابتسامات آلاف العابرين فيها.
والجميل أن جادة الشانزلزيه تستطيع أن تلبي رغبات زوار باريس من الأجانب حيث تهتم المطاعم والمقاهي وحتى الكافيتريات بتوظيف الطلبة الأجانب الذين يدرسون في جامعات باريس للعمل فيها. حتى تسهل عملية التفاهم بين زبائنها والعاملين فيها بلغاتهم الوطنية. وماذا بعد، لقد سكن في مباني وفنادق هذه الجادة العديد من ملوك وقادة العالم، وسنويا تقام احتفالات الجمهورية الفرنسية حيث تتحول الجادة إلى ساحة للاستعراض العسكري. أو للاحتفالات بالمناسبات الوطنية المختلفة.
وماذا بعد، يزور باريس وبالتالي هذه الجادة الشهيرة التي أزعجها مؤخرا صوت الإرهاب الأسود ملايين من الزوار ومن مختلف دول العالم، والحادث الإرهابي الذي تسبب كما اشرنا بموت رجل امن وإصابة اثنين من زملائه. جعل هذه الجادة تصاب بالحزن وهي تسمع أزيز الرصاص وتكاد تردد والعبرة تخنقها: لماذا يحدث هذا؟ لماذا؟.