بليتِ يا دارُ، تبًّا للبلى العَجِلِ
كيف البلى ودهورُ العمر لم تَطُلِ؟!
إذا خلا الصرح قد تبلى جوانبُهُ
فما لصرحكِ رغم الآهلينَ بَلي؟!
ما للبراغيث في أرجائكِ انتشرتْ
حتى تضاءلت الأرجاء في المُقلِ؟!
من أين جاءت؟ ومن أي الكوى انسربتْ؟
ألستِ مُحكمة الأبوابِ والسُّبلِ؟
أم أنَّ حراسكِ الغافين ما شعروا
بها؛ فمرَّتْ عليهم دونما وجلِ؟
أم أنها انسربت في خُلْسةٍ غَلَسًا
واحسرةَ الدارِ أضحتْ مرتع العللِ!
على انبساطكِ ضاقت ثُلَّةٌ غُيُرٌ
من ساكنيكِ بعيشٍ غير مُحْتَمَلِ!
لا يستطيب الكرامُ الأرضَ مُرْتَبَعًا
إن زاحمتهم عليها أمة الهَمَلِ
خيرٌ من القصر سكنى للكريم إذا
آوى البراغيثَ سكنى الرَّسْم والطللِ
لما رأيتكِ حسناءَ الأديم هفتْ
نفسي إليك، وكم في الحسن من دَغَلِ
وخِلْتُ أن سوف أحيا في بُلَهْنيةٍ
فلم أجد فيك غير الضنك والمللِ
وبعتُ من أجلك الدار التي حَضَنتْ
صِبايَ، آه على دار الصبا الخَضِلِ!
لو قيل: ماذا تود اليوم؟ قلت لهم:
وددت أني لم أظعنْ ولم أزَل!ِ
فتنتِ عيني بألوان وزخرفةٍ
بعض الزخارف أسلوبٌ من الحِيَلِ
وما دريتُ عن الخافي، ولا نظرتْ
عيني إلى ما وراء الحسن من وَحَلِ
كقاصد الرَّبع قد أغرته خضرتهُ
وخضرة الربع من روثٍ ومن بللِ
أمَّلت شيئًا ولم أظفر به، رُبَما
قد أنسأ الله ُ ما أبغي إلى أجلِ
كم من مؤمِّل شيءٍ ظلَّ يطلبُهُ
وراح عن هذه الدنيا ولم يَنَلِ
- شعر/ فهد بن علي العبودي