فيصل أكرم
لم يمنع خطوتي من الوصول إلى عتبة أولى في كل ذلك المشوار القصير سوى بعض مشاوير طويلة أخذتني بعيداً حتى ما عدتُ أعرف الفرق بين خطواتي والمسافات.. صارت وإياها رحلة تبحث عن محطة.. محطة صغيرة فقط، ككل محطات الناس، كلّ الناس، يسمونها (النوم). قلتُ أحاور نفسي كعادتي في كل ما أسميه احتمالاً (قصيدة):
أنامُ الظهيرةَ؟ لا
ولم أعرف النومَ إلّا احتقاناً
- وماذا عرفتَ احتضاناً؟
- عرفتُ المرايا تسافرُ في الضوءِ
ما أسهلَ الدربَ بين النهاياتِ
غاياتهُ أن يلوذ بجَفنٍ
على شكل حِضنٍ
يلاقي به الراجعُ الراحلينْ
وما أبعدَ الفرقَ بين اليدينِ
وبين اليدينِ
كمثل الفوارق بين اشتياقٍ
وبين الحنينْ
فما أصعبَ الخطَّ عند القراءةِ
حين يكونُ دقيقاً عميقاً
على راحةِ الكفّ،
أو لا يكادُ يُرى.. في الجبينْ.
وأعرفُ أن لا أحد لا ينام كل الوقت، كيف عرفت؟ أقول الناس.. الناس ينامون في كل يوم حتى وإن كانوا على حافة القلق أو مشارف الانهيار، ينامون، إلا من كان منهم في بؤرة القلق والانهيار معاً.. إلا من كان منهم لا أحد:
(هل مثلُ نفسكَ لا أحد؟
صَيَرتْ عليكَ وأنتَ تخرج من وجودكَ
ثم توجدُ في خروجكَ
ثم ترجعُ للجَسَدْ
هل مثلُ نفسكَ: لا أحَدْ)؟!
كلُّ قطرة تتساوى بكلّ القطرات من الماء للماء، أمّا في الهواء فتضيعُ وأمّا في الرمال فتنشف. وحدها التربة المستوحاة من الروح تحتضنها كاحتضانك لنفسكَ، فلا..
لا تحضنْ أشباه الأشياءْ
لا تحضنْ إلا الماءْ
فالماءُ عظيمٌ في الظلماتِ وفي الأضواءْ
والماءُ كريمٌ فوقَ الماءِ وتحتَ الماءْ
احضنه، ولا تحضنْ بخلاءْ
لا تحضنْ أشباه الأشياءْ
فتصيرُ دماؤكَ، أحمرها، من دون دماءْ
ويصيرُ بكاؤكَ، أغزره، من دون بكاءْ
فالماءُ عزيزٌ مثلكَ إن أعطاكَ
وإن ألقى بكَ للطرقاتِ
وللكلماتِ
بلا أسماءْ
فافرح واستلقِ ولا تعبس
في وجه الماءْ
فالفرحةُ ماءْ
وإذا، وإذا
فارقتَ عزيزاً.. فلتحزن
احزن ما شئتَ بقرب الماءْ
فالماءُ عزاءْ.