سمر المقرن
تتلذذ بعض النساء بالجماهيرية المشوهة عندما تقوم بمعارضة حق من حقوق المرأة كقيادة السيارة مثلاً، لتحصل على نوع من أنواع التطبيل المبتور. وأحترم أي سيدة تلتزم الصمت حيال مثل هذه القضايا سواء كانت مؤيدة أو معارضة. أحترمها لأنها لم تقف في وجه هذه الحقوق إنما اختارت الصمت كون مثل هذه الحقوق -قد- لا تهمها أو تمسها شخصياً، وهذا حقها.
والمشكلة الأخرى، وعلى النقيض، في -بعض- المتحمسات للمطالبة بحقوق المرأة، أن تكون هذه الحقوق أو أحدها مشكلة شخصية لها، فتعممها على الجميع، ونلحظ هذه الفئة أسلوبها «متطرف» في المطالبة وغير مقبول لدى معظم فئات المجتمع!
في واقع الحال، إن حقوق المرأة المتفق عليها لا يمكن أن يُنكرها أحد حتى أكبر المسؤولين، ولعلنا نكون في وارد قيادة المرأة للسيارة ونتذكر حديث الملك عبدالله بن عبدالعزيز -رحمه الله- عن هذا الموضوع تحديداً، عندما قال إنه أمر سيحدث مع الوقت والصبر جميل. نفس الكلام تحدث عنه قبل عدة أشهر ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان -حفظه الله- في رده على أحد الصحافيين الغرب، أنه أمر سيحدث مع المتغيرات الاجتماعية. ما أردت قوله وأنا أستدل بهذين المثالين وهما من كبار رجال الدولة سابقاً وحالياً، إنه لم يحدث أن أنكر مسؤول هذا الموضوع أو رفضه أو اعتبره مستحيلاً، إنما كانت الردود مطمئنة، وتؤكد أن هذا الموضوع قادم لا محالة.. متى؟ الله أعلم. لكنه قادم، لأن التغيير الاجتماعي يتحرك بسرعة الريح خصوصاً في الفترة الأخيرة.
ما أريد قوله، إن بعض الأخوات -هداهن الله- كما يقال (ملكيات أكثر من الملك) ويعتقدن أنهنّ برفضهن حقوق المرأة وتمكينها سيكسبن جماهيرية واسعة وشهرة كبيرة، لكنني متأكدة أن مثل هذه المرأة وتلك مهما حصلت على مكاسب وقتية إلا أنها ستخسر احترامها لنفسها، فالإنسان عليه أن يقل خيراً أو يصمت، ويبتعد عن المتاجرة بآلام وجروح واحتياجات وحقوق الآخرين. ولعلي أستشهد بتجربتي والكل يعلم أنني منذ سنوات طويلة وأنا أكتب وأطالب بكثير من حقوق المرأة، وأقولها جهراً وللمرة الأولى، إن معظم ما أطالب به من حقوق للمرأة لست بحاجته -شخصياً- لكن هذه المطالب هي حقوق لا تقبل المتاجرة، وإيصال صوت النساء هو مسؤولية أدبية وأخلاقية وإنسانية تفرضها علي المساحة الممنوحة لي لأكون صوتاً لمن لا صوت لها!