هالة الناصر
الجميع ليس له حديث إلا عن إمكانية واحتمالات وقوع حرب عالمية بين أمريكا من جهة والمعسكر الشرقي الصيني الروسي من جهة أخرى. الكل يتوقع أن الاحتمالات أصبحت أقوى من أي وقت مضى؛ إذ التصعيد من الطرفين بدا على أشده سرًّا وعلانية، وبدأت الحرب تقرع أجراسها مع مخاوف وحالة هلع تحوم فوق سماء البشرية جمعاء؛ كون هذه المواجهة العسكرية إن حدثت لن يسلم من تدميرها إلا من رحم ربي. المؤشرات العسكرية والسياسية عند أصحاب التخصص تؤكد أن الحرب العالمية وشيكة الوقوع، وقاب قوسين فور وقوع أدنى حالة استفزاز من أي طرف. ذهنية المعسكر الروسي وأتباعه تنبع من العقيدة العسكرية الصرفة التي يتم التعامل فيها مع جميع الأزمات السياسية والدبلوماسية. والشواهد كثيرة حول إثبات ومعرفة طبيعة سلوك الدب الروسي الذي قليلاً ما يجيد المناورات الدبلوماسية ليحل أزماته، سواء على مستوى الداخل أو الخارج؛ وهذا ما جعل من السهل على أعدائه أن يقوموا بجره نحو حرب استنزاف كما حصل في حالات عديدة، ليس أولها أفغانستان، ولن يكون آخرها سوريا. منذ أكثر من أربعين عامًا والمؤشرات تشير إلى أن قطبي العالم يتسابقان نحو إحكام قبضتهما الحديدية على مصادر الاقتصاد فوق كل أرض، وتحت كل سماء. تركت الدولتان القطبان، أو لنقل بأنهما تعاملا بفتور تجاه حرب النجوم، وذهبا نحو حرب الاقتصاد ومحاولة إضعاف كل منهما اقتصاد الآخر، وضربه في عملته، ومحاولة زعزعة قوته. انتبهت بعض الدول النابهة في تحليل سلوك الدولتين العظميين، وذهبت نحو حماية نفسها من هذه الحرب الضروس التي لا تُبقي ولا تذر، مثل قطار سريع تجرفه الرياح.. لكن شرطي العالم الاقتصادي لم يترك اقتصاد دولة في حاله؛ إذ يحاول إضعاف الجميع أمام قوة دولاره، وبقي له البعبع الأكبر، هذا الذي وحَّدته أطماع شرطي العالم الاقتصادية للاستيلاء على اقتصاد العالم بأكمله. هول المخطط ورعب نتائجه هما اللذان جمعا بين روسيا والصين؛ ليكونا يدًا واحدة رغم فوارق عديدة وأهداف مختلفة، لكن لا وقت سوى للاتحاد أمام غول مدمر، أطماعه مكشوفة ومعلنة حتى إن لم تكشفها دويلات العالم الثالث. حاول شرطي العالم عزل روسيا عن الصين كثيرًا، لكن الصينيين لم تنطلِ عليهم اللعبة؛ لأنهم يعرفون أنهم سيؤكلون يوم أُكل الثور الأبيض؛ فسارعت الصين بالتمترس خلف الروس، بل أحيانًا تتقدمهم في مواجهة الغول الأمريكي الشرس. هناك حرب اقتصادية بين القطبين، دخلت بهلغة السلاح لحسم النزاع المحتدم. خنق عملة الآخر تحديدًا بدأ يدق أجراس حرب عالمية كارثية، ستبدأ مع أول انهيار لعملة أحد أطراف النزاع.