المدينة المنورة - علي الأحمدي:
اختتمت ندوة نظمتها الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة تحت عنوان: «دور المسجد النبوي في تعزيز الأمن الفكري» خلصت إلى عدد من التوصيات من أبرزها الإشادة بجهود خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود -حفظه الله- في العناية الفائقة بالحرمين الشريفين وعمارتها وتوسعتها، وعنايته بحجاج بيت الله الحرام وزوار مسجد النبي -صلى الله عليه وسلم-، وتوفير الأمن والأمان والخدمات لقاصدي الحرمين الشريفين وفي كافة أرجاء المملكة العربية السعودية، والتأكيد على أن الأمن الفكري مطلب شرعي، ويكون ذلك بالاعتصام بالكتاب والسنة ومنهج الوسطية والاعتدال ولزوم الجماعة والرجوع للعلماء المعتبرين، وطاعة ولي الأمر المسلم في المعروف وعدم الخروج عليه، وتحقيق الاجتماع ونبذ الفرقة والاختلاف، ومعرفة الحقائق الشرعية بضوابطها وفق منهج ومعتقد أهل السنة والجماعة، ومن ذلك ما يتعلق بالإيمان والتكفير، والولاء والبراء، والبيعة، والجهاد، وكل ما يتعلق بالفكر فمعرفة ذلك وتحقيقه يعتبر من أهم مقومات الأمن الفكري، وبه يتحقق صحة المعتقد وسلامة المنهج وحسن التصور للأمور ويترتب على ذلك صواب الأعمال وأثرها الطيب على الفرد والمجتمع، وأن مخالفة ذلك والانحراف عنه له آثاره السيئة السياسية والأمنية والاقتصادية والاجتماعية، بل وفيه الإخلال بالضروريات الخمس التي جاء الإسلام بالمحافظة عليها، وثمن المشاركون الدور العظيم الذي تقوم به الرئاسة العامة لشئون المسجد الحرام والمسجد النبوي في غرس العقيدة الصحيحة وتصحيح المفاهيم الخاطئة من خلال الخطب والدروس والفتاوى والمحاضرات والدورات العلمية وكلية ومعهد المسجد النبوي وإدارة الأمن الفكري، وأن خطب الجمعة في المسجد الحرام والمسجد النبوي ثرية بمضامين الوسطية، حافلة بنتاج سخي جادت به قرائح أئمة وخطباء المسجد الحرام والمسجد النبوي الشريف، في مجال نصح الأمة وتوجيهها ومناقشة قضاياها، والتصدي لقوارع الفتن، ونوازل الأفكار الضالة، والرؤى المنحرفة، بالبيان والتفنيد، وبذل الجهد في تقرير منهج الوسطية والاعتدال، وتعزيز الأمن الفكري، والأمن بمفهومه الشامل.
كما أوصت الندوة بإنشاء لجنة علمية في وكالة الرئاسة لشئون المسجد النبوي لتوفير المراجع والمصادر المهتمة في قضايا الأمن الفكري، وتزود الخطباء بالمعلومات والإحصاءات التي يتم جمعها بالتنسيق مع الجهات المعنية ذات العلاقة، مع العمل على نشر الخطب التي تُعنى بقضايا الأمن الفكري صوتياً وإلكترونياً وورقياً وترجمتها إلى اللغات العالمية، وبثها مترجمة عبر قناتي القرآن الكريم والسنة النبوية، وطبعها وإهدائها للسفارات في خارج البلاد، وتوزيعها على الحجاج والمعتمرين والزوار، تعميماً لنفع خطب المسجد النبوي الشريف، والاستفادة من وسائل التواصل الاجتماعي ورسائل الجوال التوجيهية في نشر الخطب واختصار مضامينها، ليسهل تناقلها بين المسلمين في داخل البلاد وخارجها، والتعاون مع الإذاعة والتلفزيون لبث المحاضرات والدروس الخاصة بالأمن الفكري.
ورأى المشاركون أهمية دعم مكتبة المسجد النبوي باعتبارها رافداً بحثياً ومعلوماتياً بالمزيد من المراجع والمصادر المرتبطة بالأمن الفكري، وإنشاء معرض دائم للكتب والنشرات ومصادر المعرفة المتعلقة بتعزيز الأمن الفكري، وتطوير موقعها الإلكتروني وصفحاتها المشاركة في الشبكات الاجتماعية، وأشادت الندوة بالتعاون البنّاء والمثمر والتفاعل الإيجابي بين الجامعة الإسلامية والرئاسة العامة لشئون المسجد الحرام والمسجد النبوي الشريف في كافة المجالات.
هذا وكانت الندوة قد افتتحت بحضور معالي الرئيس العام لشئون المسجد الحرام والمسجد النبوي الدكتور عبدالرحمن السديس، ومعالي مدير الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة الدكتور حاتم المرزوقي، وعدد من أصحاب الفضيلة والعلماء والأكاديميين والمتخصصين في المجال الفكري والأمني.. حيث أكد الدكتور المرزوقي في كلمته على أن قضية الأمن الفكري قضية عالمية وتعنى بها كافة دول العالم، مبيناً أن المملكة العربية السعودية تعد من أبرز هذه الدول التي أولت هذا الجانب أهمية كبيرة وسخرت الإمكانيات وبذلت الكثير في سبيل تعزيز الأمن الفكري ومعالجة المفاهيم الخاطئة والشبهات المنتشرة ومحاربة الانحرافات الفكرية، وقال إن الجامعة الإسلامية هدية الملكة للعالم، ورسالتها إيصال الدين العظيم لجميع أنحاء العالم، وهي ماضية في طريق النهوض التنموي التي تعيشها بلادنا في سعيها الحثيث تحقيق رؤية المملكة 2030 بثقة عالية وتفاؤل كبير.
كما ألقى الدكتور السديس كلمة أشار فيها إلى أن المسجد النبوي الشريف انطلقت منه أعظم حضارة عرفها تاريخ البشرية، تنضح أمناً وخيراً ورحمةً وسلاماً للعالمين، مؤكداً على أن من مقاصد الشريعة ومحاسن الدين حماية الفكرِ وتصور الإنسان من الانحراف وسلامة فهمه وتواجهه من الانجراف وراء الدعوات المغرضة والرايات المظللة من التطرف المحموم ومن الفكر المسموم والغلو المذموم وفتنة العنف والتكفير والتدمير وآفة الإرهاب والتفجير، لافتا إلى أن نهضة الأمم ومكانتها وأمجادها تكمن في تمسكها بأصولها ومبادئها وثوابتها، وذكر بأن الأمن الفكري هو أمن الأفكار والعقول وصمام الأمان وطوق النجاة الذي يجب العناية به بتحصين المسلمين لاسيما من الشباب والفتيات من كل قرصنة فكرية أو سمسرة ثقافية أو لوثات إرهابية أو تسللات عولمية تهز مبادئه أو تخدش قيمه أو تمس ثوابته.
من جانبه أوضح المشرف على كرسي دراسات المسجد النبوي الشريف بالجامعة الإسلامية الدكتور سليمان الرومي بأن الندوة تأتي ضمن برامج الخطة الإستراتيجية للكرسي والتي تتكون من ثلاث محاور رئيسية، حيث جاء المحور الأول بعنوان (الجانب التاريخي لدور المسجد النبوي في تعزيز الأمن الفكري والتأصيل الشرعي لمفهومه) والمحور الثاني بعنوان: (دور المسجد النبوي في تعزيز الأمن الفكري في العصر الحاضر) والمحور الثالث بعنوان: (استثمار الجانب الإعلامي والتقني لتعزيز الأمن الفكري من خلال المسجد النبوي) وبين الرومي بأنه تم انتخاب عدد من العلماء الأجلاء والباحثين الأفاضل بالكتابة في محاور الندوة وموضوعاتها حيث عالجوا بآرائهم وأفكارهم ما يتصل بهذه الندوة والتي سيستفيد منها المختصون بإذن الله في الإستراتيجيات المتعلقة بهذا الجانب.