«الجزيرة» - المحرر التشكيلي:
لم يكن معرض الفنان المتميز محمد الرباط معرضاً عادياً أو مكرراً، رغم انتشار غالبية لوحاته في سبل التواصل، فمشاهدة تلك الأعمال مباشرة تختلف عن رؤيتها عبر الشاشة في الكمبيوتر أو الجوال، لذا جاءت إقامته لمعرضه (خطوة) بحضور جل فناني جدة، ومن شاركهم من عشاق فنه وبما منح لمن يتابعه ويشاهد لوحاته عبر وسائل الاتصال، أن يشاهدوا مباشرة هذا المعرض أن يقرؤوها بأعينهم ويتذوقوها بعقولهم، ويتقبلوا استفزازها لوجدانهم وتحريضه على الإعجاب قســـراً وليس مجاملة، فنان منحه الله القدرة على التلوين والتكوين بطرق غابت عن غيره، فكانت بل أصبحت أسلوباً وإمضاءً له، فنان متواضع في تعامله كبيراً في عطائه يعسف فنه ليوقفه عن الكبرياء فيعانده ويظهر للآخرين شامخاً متباهياً، تارة كأجنحة الفراشات وتارة كأجنحة صقور تقتنص الجمال، طبقات تلو طبقات يصالح فيها درجات اللون وأحياناً يصادمها لتصبح جزءاً من ذاكرة المشاهد، عرف الفنان محمد الرباط بأسلوبه الخاص والمتميز السهل الممتنع يتوقع الكثير إمكانية تقليده، فلم يستطيعوا مجاراته، فنان كثير الحراك في اللوحة، قادر على كبح جماح اللون يجمع في لوحاته المسطح والغائر البارز لونياً، فتظهر لوحاته في أحايين كثيرة كالمنحوتات.
يوظف الحرف بغير ما وظفه الآخرون ويعسف الخيل فتصبح طوعاً لفرشاته.
توجه جديد في لعبة الحضور والغياب
يقول الفنان الرباط في تصاريحه وأحاديثه الإعلامية، إنه يمثل مراحل أفكاره وألوانه المتكونة من تجاربه لرسم وجد أبدي، يملك ديمومته المتجددة، تولدت بعد مخاض عسير وحالة بحث وتجريب وممارسة على مستوى الشكل والمضمون، ترجمت وحرفت وأولت أشكالها إلى مساحات وخطوط مبسطة مختزلة، مكملاً حديثه ان ما تضمنه المعرض من لوحات، تُعد بوحاً أمام التساؤلات لتجربة انشغاله العميق في ابتكار منهج جديد بعيد، ينصهر في بوتقة الجمال، يصوغه وفق أسلوب وما تمليه تخيلاته وأحاسيسه ترجمها إلى مرحلة جديدة من مراحل تجربته، وهو «خطوة» جادة لتوجه جديد في لعبة الحضور والغياب، وتسجيل خطوة جديدة للأمام لكل ما سبق من تقنيات». مؤكداً أن الخطى كثيرة، وكثيرة اتجاهاتها، ولكن لا نعلم متى ستنتهي هذه الخطوة وتأتي تلك، أدرك ممن حولنا أولها، وأدركنا ما بعدها، ولا نعلم مدة الفاصل الزمني بينهما، هي «خطوة» أخرى وليست أخيرة في سيرتي ومسيرتي.