أ.د.عثمان بن صالح العامر
رحم الله شهداء الواجب الذين استشهدوا وهم يدافعون عن عقيدة أهل السنّة والجماعة، ويذودون عن حياض بلاد الحرمين الشريفين المملكة العربية السعودية، ويجاهدون من أجل استرداد الشرعية المسلوبة في بلد له حق الإسلام والجيرة، ويقفون سداً منيعاً أمام المد الصفوي الذي يتوق للاستيلاء على الكعبة المشرفة، وهذا بعون من الله وتوفيقه أبعد عليهم من حب الواحد منهم كوعه.
# حقاً، إن القلب ليحزن وإن العين لتدمع على من قضوا نحبهم في ساحة المواجهة مع فلول الحوثيين وأنصارهم، ومن يقف خلفهم ويصفق لهم ويمدهم بالسلاح والعتاد والمال، ولكن عزاءنا أننا نحتسبهم شهداء عند الله، والشهادة وإن كانت في الظاهر رحيل عن هذه الدار، إلا أنها - كما هو معلوم - حياة للشهيد عند الله {وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ}، هي صفقة رابحة مع ربٍّ كريم? {إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ}.
تذكر كتب السيرة أن أم الصحابي الجليل حارثة بن سراقة رضي الله عنهما، أتت إلى رسول الله بعد أن استشهد ولدها حارثة في بدر وقالت: يا نبي الله ألا تحدثني عن حارثة فإن كان في الجنة صبرت وإن كان غير ذلك اجتهدت عليه في البكاء؟ قال: يا أم حارثة إنها جنان في الجنة وإن ابنك أصاب الفردوس الأعلى... رواه البخاري.
( للشهيد عند الله ست خصال: يغفر له في أول دفعة من دمه، ويرى مقعده من الجنة، ويجار من عذاب القبر، ويأمن الفزع الأكبر، ويحلى حلية الإيمان، ويُزوّج من الحور العين، ويشفع في سبعين إنساناً من أقاربه ). رواه ابن ماجه والترمذي وأحمد وصححه الألباني.
# ليس هذا الأجر الجزيل للشهيد فحسب بل ينال إخواننا وأبناؤنا المرابطون في الحد الجنوبي الأجر الجزيل من الرب الكريم، ففي الجنة مئة درجة أعدّها الله للمجاهدين في سبيله ما بين الدرجتين، كما بين السماء والأرض، ومن راح روحة في سبيل الله كان له بمثل ما أصابه من الغبار مسكاً يوم القيامة : ( رباط يوم وليلة خير من صيام شهر وقيامه وإن مات جرى عليه الذي كان يعمله وأجرى عليه رزقه وأمن الفتان ) رواه مسلم، و عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ:» عَيْنَانِ لَا تَمَسُّهُمَا النَّارُ: عَيْنٌ بَكَتْ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ، وَعَيْنٌ بَاتَتْ تَحْرُسُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ «، رواه الترمذي.
# بصدق، الواحد منا يتقازم عمله الديني والوطني في عينيه مهما بلغ من الإتقان والاستمرار، حين يرى هؤلاء الأبطال وهم يحرسون الثغور ويمضون الليالي والأيام بعيداً عن الأهل والأحباب تلبية منهم للواجب، واستجابة لولي الأمر أدامه الله، وفي سبيل حماية الدين الحق، وحتى ينام المواطن والمقيم والزائر للبلد الحرام بأمن وأمان، ومن أجل أن تظل هذه البلاد المعطاء المملكة العربية السعودية كما هي منذ عهد التأسيس وحتى اليوم وإلى الأبد إن شاء الله بلد خير وسلام للجميع، ولا يملك لهم إلا الدعاء في ظهر الغيب.
# خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، سمو ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية، سمو ولي ولي العهد النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، سمو وزير الحرس الوطني، قادة قوات التحالف لدعم الشرعية في اليمن، قيادات قواتنا المسلحة السعودية المشاركة، أهالي وذوي وأصدقاء وزملاء رجال الوطن الذين استشهدوا يوم الثلاثاء الماضي وهم يؤدون مهامهم العملياتية في محافظة مأرب، أحسن الله عزاءكم في أبطالنا الأفذاذ، وجبر مصابكم بجنودنا البواسل الذين أسأل الله عز وجل أن يتقبلهم عنده وينزلهم منازل الشهداء ويلهم أهلهم وذويهم وأحبابهم وأصحابهم الصبر والسلوان.
# وطني الأشم:
إني معزيكَ لا أنِّي على ثقةٍ
مِنَ الخُلودِ، وَلكنْ سُنَّة ُ الدِّينِ
فما المُعَزِّي بباقٍ بعدَ صاحِبِهِ
ولا المُعَزَّى وإنْ عاشَا إلى حَينِ
# شعب المملكة المحب: إننا اليوم الجمعة فيه ساعة إجابة فليكن للوطن منا في هذه الساعة دعوة خالصة من قلب صادق، فاللهم احفظ قادتنا، واحم بلادنا، وانصر جندنا، وأذل أعداءنا، وأدم عزّنا، وأبق لحمتنا ووحدتنا والتفافنا حول أمرائنا وعلمائنا ومع بعضنا البعض، وارزقنا شكر نِعَمك، وقنا جميعاً شر من به شر، ودمت عزيزاً يا وطني، وإلى لقاء والسلام.