ماجدة السويِّح
سيطرت مشاعر الرعب هذا الأسبوع على متابعي الفيس بوك ومنصات التواصل الاجتماعية بعدما نشر سفاح أوهايو فيديو يوثق فيه جريمته بقتل رجل عجوز يسير وحيدا على الرصيف، حيث نشر (ستيف ستيفنس) المجرم جريمته مدعيا قتله لـ13 ضحية عشوائيا.
ظاهرة جديدة وخطيرة بدأت تجتاح العالم اليوم تتمثل في بث المجرمين والمعتوهين لجرائمهم على شبكات التواصل الاجتماعية خصوصا على فيسبوك لايف، لحصد التفاعل والإعجاب من قبل المتابعين.
البداية كانت من شيكاغو حينما نشر عصابة من المجرمين اغتصاب فتاة تبلغ من العمر 15 عاما على فيس بوك لايف وشهد الواقعة حوالي 40 شخصا، لم يتدخل واحد منهم للاتصال بالشرطة وإنقاذ الفتاة المغتصبة، ليواصل بعدها مجموعة من مراهقي شيكاغو بث لحظات اعتدائهم وتعذيبهم لشاب من ذوي الاحتياجات الخاصة، ليكون مصيرهم السجن بعد التبليغ عنهم، واستخدام الفيديو المنشور كدليل مادي على انتهاكهم القانون، ويكون الجمهور المشاهد للبث شاهدا عليهم.
التجريم الذاتي أو التوثيق الحي للجرائم سلوك جديد بدأ بالنمو خصوصا عبر فيسبوك لايف وسناب شات، حيث يقدم المجرم أدلة دقيقة وموثوقة لمحاكمته ونيل عقابه. يرى البرفيسور (ريمون سوريتي) أستاذ العدالة الجنائية في جامعة سنترال فلوريدا المهتم بدراسة هذه الظاهرة أنها قديمة، حيث يعمد المجرم بارتكاب جريمته والتضحية بنفسه وسط الجمهور لإبهارهم وإظهار ما لديه من ذكاء أو قوة وشجاعة، لكن الفارق أن الضجيج المصاحب للفعل يعد منخفضا بانخفاض عدد شهود الواقعة، بعكس الحال الآن بعد ظهور الانترنت وشبكات التواصل الاجتماعية، وخدمة البث الحي التي تسمح بالنقل السريع للملايين عبر ضغطة زر واحدة من الهواتف الذكية، فالتفاعل السريع من المتابعين عبر التعليقات أو الصور والرسوم تضاعف من نشوة ومتعة ذلك المجرم. كما يرى سوريتي أن وسائل الإعلام الاجتماعية هي طريقة جديدة للتفاخر والشعور بأهمية الذات، في حين يرى عالم النفس (باميلا روتلدج) أن الإغراء بات اليوم أكبر مع كثرة الجمهور، وسهولة الوصول إليهم، حيث تمنح عملية البث وتوثيق الجرائم فرصة لتعظيم ذواتهم بعد خرقهم القانون، فهي طريقتهم الوحيدة للتعبير عن الذات، خصوصا بعدما نشأ الكثير من صغار السن تحت الأضواء، عبر الإفراط في التقاط الصور وتوثيق حياتهم اليومية.
ثقافة الأضواء والشهرة ساهمت أيضا في تفضيل البعض أن يكون مشهورا بأي ثمن، حتى لو انتهك القانون دون تفكير بالعواقب، في حين يلقي البعض اللوم على الفيس بوك لايف كأداة لها جاذبية خاصة في مواصلة الشهرة عبر خرق القانون. الجرائم الحية الموثقة بأيدي أصحابها تطرح تساؤلات عديدة عن دور المتابعين الذين يشهدون الجريمة، وكيف يتدخلون لمساعدة الضحية؟
وحتى لا تجعلوا من المجرمين مشاهير ينبغي أن يتجنب الجمهور المتابع تجنب نشر محتوى الجريمة وتداولها، التي قد تشجع المجرم على مواصلة الأضرار بالآخرين وتضر الضحايا، كما على المتابع مسؤولية التبليغ عن الجرائم التي يشاهدها، من خلال حفظ الفيديو والصور وملف المجرم، ليتسنى الإبلاغ عن الجريمة لإدارة الفيس بوك أو غيرها من المنصات الاجتماعية والشرطة.