فضل بن سعد البوعينين
فتح المنتدى السعودي للاستثمار في الطاقة المتجددة باب الاستثمارات النوعية في الطاقة البديلة على مصراعية، بعد عقود متواصلة من البطء الاستثماري المُحاط بعراقيل التشريعات الحكومية؛ وغياب المرجعية والشفافية والعدالة.
المتمعن في كلمة معالي وزير الطاقة والصناعة والثروة المعدنية؛ المهندس خالد الفالح؛ يجد فيها إضاءات مبشرة بمستقبل واعد للطاقة المتجددة؛ متوافق مع أهداف رؤية المملكة 2030.
يبدو أن وضع هدف إنتاج ما يقرب من 9.5 جيجاواط بحلول العام 2030 أسهم في إعادة هيكلة القطاع ووضع التشريعات الجاذبة للاستثمارات الأجنبية؛ وإزالة العراقيل التي تسبب احتكار إنتاج الكهرباء في خلقها من العدم. ومع كل تقدم في ملف الطاقة المتجددة، يفترض أن نشيد بقرار إنشاء وزارة الطاقة وجعلها المرجعية الوحيدة لقطاعات توليد الطاقة الكهربائية بما يعزز التنافسية والعدالة والشفافية المطلقة، إضافة إلى الجانب الإستراتيجي الذي يمكن من خلاله وضع خارطة طريق للاستثمارات المستهدفة والمتوافقة مع الاحتياجات الآنية والمستقبلية، والمتطلبات الدولية التي تُلزم المملكة بالمساهمة الفاعلة في الحد من الانبعاثات الضارة ورفع نسبة إنتاج الطاقة الكهربائية من المصادر المتجددة.
شكلت كلمة الوزير الفالح خارطة طريق لرؤية المملكة ذات العلاقة بالطاقة المتجددة؛ والتزاماً بأهدافها المستقبلية. يشكل الإعلان عن مبادرة خادم الحرمين الشريفين للطاقة المُتجددة، وأطلاق وثائق مناقصات مشروع سكاكا للطاقة الشمسية بطاقةٍ قدرها 300 ميجاواط، والوعد بالإعلان عن مناقصة مشروع آخر لطاقة الرياح بحجم 400 ميجاواط، خلال أسابيع؛ مرحلة جديدة وجادة للطاقة المتجددة في المملكة.
تفاصيل المرحلة الثانية من البرنامج الوطني للطاقة المتجددة يؤكد مضي المملكة في تحقيق أهدافها المستقبلية؛ وأحسب أن تنفيذ المرحلة الأولى بنجاح، سيكون أكبر الداعمين للتسريع في تنفيذ المراحل القادمة وتنفيذ ما يقرب من 30 مشروعاً يفترض أن يضيفوا ما يقرب من 10 جيجاواط من الطاقة الكهربائية المنتجة من المصادر المتجددة. فصعوبة البدايات لن تلبث أن تزول لتتحول إلى خبرات متراكمة لدى الحكومة؛ المستثمرين؛ الممولين والقوى البشرية والتقنيات المستخدمة.
إطلاق «المركز الوطني لبيانات الطاقة المتجددة»، سيسهم في تقديم البيانات الدقيقة عن القطاع في المملكة للمستثمرين والباحثين وواضعي الإستراتيجيات النوعية.
لا يمكن تحقيق الكفاءة في أي من القطاعات الاقتصادية والإنتاج بمعزل عن قاعدة البيانات الموثوقة التي يمكن من خلالها خفض المخاطر وتعزيز الموثوقية في القرارات الاستثمارية التي تعتمد بشكل رئيس على بيانات السوق الدقيقة.
توطين وتطوير صناعة الطاقة المتجددة والصناعات المرتبطة بها محلياً، أمر غاية في الأهمية. تدشين قطاع اقتصادي واعد يفترض أن يتزامن مع برامج توطين أُعدت سلفاً؛ وبما يضمن العلاقة الطردية بين التوسع في إنتاج الطاقة البديلة والصناعات المرتبطة بها؛ لتحقيق الاكتفاء الذاتي؛ أو على الأقل تحقيق ما نسبته 70 في المائة من احتياجاتها محلياً. قطاع الطاقة البديلة قادر على خلق فرص استثمارية نوعية في جانب التصنيع؛ لذا يفترض أن تضمن الاتفاقيات الموقعة مع الشركات العالمية توفير جزء من احتياجاتها محلياً من خلال دعم صناعتها وتوطينها؛ وأن ترتفع هذه النسبة سنوياً حتى تصل إلى نسبة 70 في المائة أو أعلى من ذلك؛ خاصة وأن العقود الحكومية لشراء الطاقة من المنتجين قد يمتد أجلها إلى 25 عاماً. يعتقد أن قطاع الطاقة الشمسية أكثر خلقاً للوظائف والفرص الاستثمارية؛ وهذا ما يساعد في وضع إستراتيجيات متواءمة مع أهداف رؤية المملكة.
باتت السعودية أكثر حاجة للتوسع في إنتاج الطاقة المتجددة؛ لتحقيق مجموعة من الأهداف الرئيسة، ومنها؛ الوفاء بالتزاماتها الدولية؛ وزيادة حجم الطاقة المولدة محلياً؛ خفض استهلاك النفط في إنتاج الكهرباء؛ تحقيق كفاءة استثمار الموارد المتاحة؛ استثمار الطاقة الشمسية المهدرة؛ وإنشاء قطاع صناعي جديد قادر على خلق مزيد من الفرص الوظيفية والاستثمارية الصغيرة والمتوسطة والكبيرة، والمحافظة على صحة الإنسان وسلامة البيئة من خلال خفض الإنبعاثات الضارة.
أختم بالتأكيد على نجاح «المنتدى السعودي للاستثمار في الطاقة المتجددة» في تحديد الرؤية الشمولية للطاقة المتجددة في المملكة؛ وطرح الفرص الاستثمارية النوعية المحاطة بالتشريعات والأنظمة الداعمة لها؛ وكل ما أرجوه أن تمضي وزارة الطاقة في تعزيز التنافسية والشفافية والعدالة والرفع من كفاءة السوق وتحفيز المستثمرين للمساهمة في تحقيق هدف «تنوع مصادر الطاقة» محلياً.