يوسف المحيميد
في تصريحه حول تضخم أعداد الطلاب في الجامعات، أكد وزير التعليم العيسى بأننا بحاجة إلى المزيد من الجامعات، ولم تعد 28 جامعة حكومية تكفي لاستيعاب شبابنا وشاباتنا خريجي الثانوية العامة، ومن المتوقع أن تزداد الأعداد تباعًا، خاصة مع استمرار النمو السكاني، الذي ما لم نخطط له جيدًا، سنجد أجيالنا القادمة بلا تعليم جيد، وبارتفاع في معدل البطالة، قد يسبب خللاً في النمو الاقتصادي والاستقرار الأمني.
ففي اليابان على سبيل المثال - وهي الأكثر تطورًا على مستوى التعليم - يوجد نحو 95 جامعة عامة، و597 جامعة خاصة، وفي تركيا 109 جامعات عامة، و61 جامعة خاصة، وكذلك إيران أكثر من 300 جامعة عامة وخاصة، ورغم أننا نتفوق على الجميع في أعداد طلابنا وطالباتنا الدارسين في الخارج، وهذه ميزة كبيرة تسجل لبرنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث الخارجي، لأنّ هؤلاء العائدين بمعارف وعلوم وثقافات جديدة، سيكون لهم تأثير كبير على مستقبل بلادنا، ولكن ماذا لو كان يوازي ذلك عدد أكبر من الجامعات الحكومية والخاصة، وذات تخصصات دقيقة، تتفق مع طموحنا في مستقبل الوطن، والاتجاه الواضح للتنويع الاقتصادي، وتنويع مصادر الدخل، والاهتمام الكبير بالصناعة، مما يجعلنا نخطو نحو المستقبل بثقة، فما حصدناه من إطلاق جامعات في مختلف المحافظات في عهد الملك عبد الله، يجب ألا يتوقف، بل لابد أن يركز على جانبين، التخصصات العلمية والمهنية التي يتطلبها سوق العمل، وأهمية أن تقوم هذه الجامعات الجديدة بتأمين مصادر دخلها، وتحقيق استقلالها المادي، بالاعتماد على إيرادات الأوقاف واستقطاب القطاع الخاص وجعله شريكًا في نشاطات الجامعات ومنتجاتها!
ربما كان الأبرز في استثمار الأراضي المملوكة لها، وإنشاء مبان متعددة الطوابق، والتخطيط لتأجيرها على الشركات والمؤسسات والفنادق، هي جامعة الملك سعود، مما يجعلها لا تعتمد على الدعم الحكومي، وهو ما يجب أن تفعله الجامعات الأخرى، لسببين، الأول أنها تخفف العبء على ميزانية الدولة، والثاني ضمان الاستقلال المالي، وبالتالي استقلال القرارات والأبحاث العلمية والاجتماعية، وهو الوضع الطبيعي في مختلف جامعات العالم.
لن تتقدم الأمم ما لم تمنح التعليم المزيد من الدعم والتطور والاستقلال، فهو ما يقودها إلى مصاف الدول المتقدمة، وصناعة مجتمع المعرفة، وهو ما يجعلها تحقق أهدافها التي قد يراها البعض أهدافاً مستحيلة، فكل ما نحلم به من خطط ومنجزات في رؤية المملكة للمستقبل، لن يتحقق ما لم نمتلك قاعدة تعليم عال قوية، وبرامج ابتعاث دائمة، وزيارات الخبرات الأجنبية المتميزة لجامعاتنا، وجعل هذه الجامعات جزءاً من الناتج المحلي الإجمالي، وإحدى مقومات الاقتصاد الوطني.