«الجزيرة» - متابعة:
سجَّل مهرجان «مسك آرت» الذي نظمته مؤسسة محمد بن سلمان بن عبد العزيز «مسك الخيرية»، والذي أحياه 150 فنانًا وفنانة من المملكة و15 فنانًا من الخليج العربي وعدد من دول العالم في الفترة بين 4 و7 إبريل الجاري على أرض منتجع درة الرياض، أكثر من 100 ألف زيارة خلال أيامه الأربعة في مؤشر يعكس اهتمام الشارع السعودي المتنامي بالفنون البصرية؛ إذ شهد تسجيل مستويات قياسية في الإقبال من شرائح المجتمع كافة، وبلغ أَوْجَه مع نهاية الأسبوع في مؤشر عكس اهتمام الشارع السعودي المتنامي بالفنون، وفي وقت يتطلع فيه الفنانون المشاركون وهواة الفن والمتذوقون إلى النسخة الثانية من المهرجان، التي يراهنون عليها في تعظيم الاستفادة من المهرجانات.
ففي قلب المهرجان كان مسرح «مسك آرت» أشبه بحلقة وصل بين الزوار والفنانين؛ إذ احتضن العديد من العروض الفنية، لعل من أهمها فن الرسم بالضوء، الذي كان محل تفاعل واسع من قِبل الحضور؛ إذ كان المسرح طيلة الأيام الأربعة يغص بمتذوقي الفن، حتى في أوقات الفواصل التي كانت تفصل بين العرض والآخر.
ومن الناحية التنظيمية لعب نحو 200 شاب وشابة من المتطوعين على حد سواء دورًا بارزًا في عمليات الاستقبال والتسجيل والإرشاد، بدءًا من الشوارع المؤدية لمقر المهرجان وصولاً إلى أروقته الداخلية، للذكور بواقع 130 شابًّا، مقابل المتطوعات من الإناث اللائي بلغ عددهن 75 شابة.
وحرص منظمو مهرجان مسك آرت على إتاحة الفرصة لعدد كبير من الفنانين الصاعدين للمشاركة في عرض أعمالهم وبيعها؛ إذ أُقيمت لهم العديد من الأجنحة لعرض أعمالهم.
وفي 15 موقعًا داخل مهرجان مسك آرت نصب منظمو المهرجان 15 جدارية، كانت محل أنظار الزوار؛ إذ أتاحت لهم التعرُّف بشكل مباشر على طريقة فن رسم الجداريات عبر عروض قدمها العديد من الفنانين وسط تفاعل وأسئلة الجمهور؛ إذ أُتيح للفنانين نشر إبداعاتهم في الرسم التشكيلي وفن النحت وفنون الديجيتال والرسوم المتحركة والمجسمات الفنية، وغيرها من الفنون البصرية.. كما أُتيح لهم عرض أعمالهم للبيع في معارض متخصصة.
كما حظيت المنطقة الخاصة بالطفل في مهرجان مسك آرت بأكثر من 10 آلاف زيارة. وتُعد منطقة الطفل واحدة من أهم المحطات التي قد تكشف عن موهبة الصغار في الرسم والتلوين. وتتنوع المهارات التي يكتسبها الطفل بين فن تشكيل الصحون الورقية، وفن الأوريجامي، وفن تشكيل المجسمات، قبل أن ينتقل إلى تلوين مجموعة من المجسمات والهياكل الخشبية، طولها متران، ومصممة على هيئة أشجار وورود مع وجود حيوانات، ارتبطت بشخصيات كرتونية تتلاءم مع مخيلات الطفل الواسعة.
أما بالنسبة لورش العمل التي أقامها مهرجان مسك آرت فقد شهدت تفاعلاً كبيرًا من قِبل الزوار؛ إذ استفاد منها طيلة الأيام الأربعة 868 من الذكور، و569 من الإناث.
ولم تشأ مؤسسة محمد بن سلمان «مسك الخيرية» أن يمضي مهرجان «مسك آرت»، الذي حظي بزيارات رفيعة من عدد من الفعاليات الثقافية والاجتماعية والدبلوماسية، دون أن تضع بصمة دائمة في مستقبل الفنانين والفنانات، الشباب منهم على وجه الخصوص؛ إذ أعلنت مبادرتين تستهدفان المجتمع الفني الشاب في المملكة، تتعلق الأولى بإطلاق (متاجر إلكترونية افتراضية) لعرض منتجات الفنانين من اللوحات، فيما تنص الثانية على (إنشاء أكاديمية خاصة بالفنون البصرية).
وتستهدف مؤسسة «مسك الخيرية» من وراء إعلانها هاتين المبادرتين للأخذ بيد الفنانين الشباب، وتمكينهم من شق طريقهم في مجال الفنون البصرية، وتنمية مهاراتهم، وصقل إبداعاتهم، وصولاً إلى تعظيم الموارد المادية الناجمة عن بيع لوحاتهم.
لوحة 2030 تخطف أنظار زوار «مسك آرت».. فكرة عميقة بريشة طفلة
خطفت لوحة تشكيلية، رسمتها فنانة صغيرة، لا تتجاوز من العمر 10 سنوات، تُدعى فهدة العواجي، أنظار زوار مهرجان مسك آرت. وقد كان سر الانجذاب لهذه اللوحة في الفكرة العميقة التي أرادت من خلالها العواجي لفت النظر إلى رؤية السعودية 2030، التي تسعى لتعزيز الاقتصاد، وتعضيد الصناعة، وتقليل الاعتماد على النفط.
الفنانة الصغيرة العواجي، التي كانت تقف إلى جانب لوحتها لتشرح قصة الفكرة، اعتمدت في رسمتها تلك على مجموعة من الأفكار، واتخذت من سكة القطار طريقًا لتحقيق الرؤية من خلال الرقمين 2 و3، فيما شكَّل صفرَيْ الرؤية دلالتَيْن على ضرورة التعاون في تطبيقها وإنجاحها عبر مختلف شرائح المجتمع وصولاً إلى تحقيقها.
وأوضحت الفنانة فهدة العواجي أنها بدأت في الرسم منذ أن كان عمرها خمس أعوام في الرسم التشكيلي، ورسمت خلالها 10 لوحات، إلى حين ترشيحها من قِبل « مسك آرت» للمشاركة من خلال تلك الأعمال الفنية.
وعن لوحة 2030 قالت فهدة إن فكرتها هي تقدميها بشكل بسيط للأطفال، وقالت إن الرقم 2 يعبِّر عن قطار الرؤية، فيما الصفر الأول حرصت على رسمه على شكل أيدٍ متماسكة في دلالة على أهمية التعاون في تطبيقها، في حين كان الرقم 3 مكملاً لسكة قطار الرؤية، بينما جاء الصفر الأخير مرسومًا على شكل أزهار وحمامات سلام تعبيرًا عن نجاح الرؤية.
وقدمت فهدة العواجي خالص شكرها وتقديرها للقائمين على فعاليات «مسك آرت» على دعمهم للموهوبين، والسعي في تنمية مهاراتهم.
وفي مكان ليس ببعيد عن ركن العواجي انتظم 400 من أقرانها الأطفال المولعين بالفنون في المنطقة المخصصة لهم، وقد كان بانتظارهم ورش عمل تدريبية في كيفية صنع أعمالهم الفنية بأنفسهم.
واستفاد الأطفال في أول أيام فعاليات مسك آرت من فن تشكيل الصحون الورقية، إضافة إلى فن الأوريجامي، وكذلك فن تشكيل المجسمات.
مجسَّما قصر الأميرة نورة وبوابة دخنة يستوقفان زائري «مسك آرت»
من أهم الرسائل التي قام عليها مهرجان «مسك آرت»، الذي اختتم أعماله الجمعة الماضية، محاولته الجمع بين كل ما هو ماضٍ مع كل ما هو حاضر. وقد بدا ذلك جليًّا بحجم المنحوتات والمجسمات التراثية التي يعود بعضها إلى بداية تسعينيات القرن الماضي.
فالمجسمات التراثية الطينية التي كانت تملأ ركن الفنان محمد الخميس بجادة مهرجان «مسك آرت» استوقفت زوار المهرجان؛ إذ لوحظ اهتمامهم الكبير بما عُرض. وبحسب الفنان الخميس، فقد شارك في ركنه بـ9 مجسمات، احتوت على مجسم قصر الأميرة نورة بنت عبدالرحمن، ومجسم المزرعة، وبوابة دخنة، ومجسم منزل من الدرعية، ومجسم المجلس، ومجسم السواني، ومجسم منزل من القصيم، ورسمة لفنان حولها إلى شكل مجسم. وأوضح الفنان الخميس أنه بدأ مجال فن المجسمات التراثية منذ ما يقارب عشرين عامًا، مبينًا أنه يعكف حاليًا على فتح محل للمجسمات الأثرية.
واختتم الخميس تصريحه مقدمًا شكره وتقديره للقائمين على مهرجان «مسك آرت»؛ إذ إنه شهد أكبر تجمع للفنانين بالمنطقة.
«مسك آرت» يجمع النحت البريطاني بالريشة السعودية
على خلاف البدايات المتواضعة التي تنطلق بها المهرجانات، لم يكن اليوم الأول لفعاليات مهرجان مسك آرت، الذي أطلقته مؤسسة محمد بن سلمان بن عبد العزيز «مسك الخيرية»، يومًا عاديًّا؛ إذ شهد 13 ورشة عمل، جمعت بين النحت البريطاني والريشة السعودية. وقد كانت البداية بورشة أُقيمت عن فن الزخرفة الهندسية، أقامتها مدرسة الأمير تشارلز في لندن، فيما اختتمت بورشة عمل، ناقشت الفرق بين الاتجاه الواقعي والتجريدي في العمل الفني، قدمتها الجمعية السعودية للفنون التشكيلية بواسطة المدرب محمد مجرشي.
الفنان التشكيلي البريطاني بن بربور - وهو أمين متحف، ويقيم في قطر منذ العام 2011 - قدم ورشة عمل عن مفهوم تصميم الأعمال والمنحوتات الفنية العامة، وهي ورشة تهتم بتعليم المشاركين كيفية صناعة التصاميم والرسومات للأعمال الفنية العامة، وتحويل الفكرة إلى منحوتة باستخدام مواد وأدوات مختلفة.
وتتضمن المشاريع الفنية لبن بربور مشروع ميراج للأعمال الإنشائية المركبة هائلة الحجم، والمصممة خصيصًا كي يتم عرضها في مواقع معينة، وكذلك مشروع الوكرة الموازي الجديد في قطر. ويحمل بربور شهادة البكالوريوس في تخصص الفنون الجميلة مع مرتبة الشرف الأولى من كلية سليد للفنون الجميلة من لندن عام 1998م، ثم حصل على درجة إضافية في الدراسات العليا في مجال الفنون والتصميم من معهد التعليم في لندن عام 2006م، تبعها حصوله على درجة إضافية في الدراسات العليا في الرسم من المدرسة الملكية للرسم في لندن عام 2007م.
ومن بين ورش العمل التي شهدتها فعاليات اليوم الأول لمهرجات مسك آرت ورشة تحمل عنوان «تأسيس العمل الفني بألوان الأكريلك»، قدمها عبد العزيز العمري من الجمعية السعودية للفنون التشكيلية، إضافة إلى ورشة الرسم الضوئي من تقديم الفنان الغرافيتي كريم جباري، الذي بدأت رحلته الفنية وهو في عمر الثانية عشرة.
كما يعتبر كريم جباري الفنان الأكثر احترافًا في الرسم بالضوء في العالم العربي؛ إذ إن حبه للأحرف والفن هو مصدر إلهامه الأساسي، والأمر الذي جعله واحدًا من الفنانين الذين يتميزون بتعدد التكافؤ من حيث الخطوط والرسم والرسم بالضوء والتصوير والكتابة على الثياب.. إذ تعد هذه هي العناصر التي تكون عالم كريم جباري.
وقد تضمنت ورش العمل التي عُقدت ورشة نحت المجسمات من العمارة الإسلامية، قدمتها الفنانة الإسبانية تيريسا استيفان التي تحدثت عن خصائص فن العمارة الإسلامية، وكيف يصنع المشاركون رسومات لمنحوتات من العمارة الإسلامية، والطرق الممكن للمشاركين أن ينفذوا بها أعمالهم باستخدام الطين والجبس.
كما شاركت الفنانات بورش عمل أخرى؛ إذ قدمت الفنانة منال الشريعان ورشة التقنيات الحديثة في ألوان الأكريلك. وتشارك الشريعان كممثلة عن مرسم زوايا الفن، وهو مرسم خاص، أسسته فنانات المنطقة الشرقية، ويقدم برامج متنوعة في الفن التشكيلي، هدفها تطوير الفن.
وشاركت جمعية الثقافة والفنون في تقديم العديد من ورش العمل، كورشة «الخط نزهة العيون» التي قدمها بدر الجفن، وقدم من النادي التشكيلي عبيد البراك ورشة عمل بعنوان «سكب اللون على اللوحة»، إضافة إلى ورشة الشرائط اللاصقة التي قدمها فريق تيب أوفر الألماني.
وقدمت الفنانة البريطانية راشيل غادسدن ورشة عمل الرسم التشكيلي، التي تساعد المشاركين في التعلم على كيفية صناعة رواية شخصية، يتم تجسيدها داخل العمل الفني. ويختار المشاركون الأدوات والمواد المناسبة للتعبير عن هذه الرواية، كما ينفذ المشاركون العمل الفني، ويصنع كل مشارك قطعة من عمل فني متكامل وجماعي.
«مسك آرت» يحيي مرحلة الستينيات ويخلد ذكرى مؤسسي الفن التشكيلي في السعودية
أسهم مهرجان مسك آرت في تخليد ذكرى مؤسسي الفن التشكيلي في السعودية، لعل من أبرزهم الراحلَيْن محمد السليم وعبد الحليم رضوي؛ وذلك بعرض لوحتين للفنانين، تعودان لسبعينيات القرن الماضي.
وكان الفن التشكيلي في السعودية قد بدأ رحلته في ستينيات القرن الماضي. واستعاد المهرجان عبر «جادة مسك آرت» تلك المرحلة في لفتة وجدت الكثير من التقدير والامتنان من الحضور الذين لطالما سمعوا عن مؤسسي ذلك الفن، ولكن لم يسعفهم الحظ في الاطلاع على تفاصيل رواده.
الفنان التشكيلي الراحل محمد السليم الذي بدأ الفن التشكيلي عام 1960 ميلادية حضرت إحدى لوحاته التي رسمها عام 1979م في جادة مسك آت. وبجوار لوحة السليم لوحة أخرى للفنان الراحل عبد الحليم رضوي، رسمها في عام 1971م، وهما من مؤسسي الفن التشكيلي في المملكة وراسمي خارطته.
وفي الشق الخلفي للحائط الذي يبرز لوحة الفنان السليم تشارك الفنانة التشكيلية نجلاء السليم، ابنة الراحل، بلوحة تشكيلية عصرية. تقول نجلاء إنها كانت ترسم بالنسق ذاته الذي عرفته عن والدها، إلا أنها تطورت مع تصاعد الأدوات الفنية المستخدمة في الرسم التشكيلي.
«تحدي الإعاقة».. ترسم بقدمَيْها وتلفت أنظار متذوقي الفن
بـ«مسك آرت»
ضربت الفنانة التشكيلية هيلة المحيسن أروع أنواع الإصرار والتحدي في طريق مسيرتها الفنية، حينما لفتت الأنظار برسمها لوحتها التشكيلية عن طريق قدمَيْها في المعرض الفني لمهرجان «مسك آرت»، الذي نظمته مؤسسة محمد بن سلمان الخيرية.
وقَدِمت هيلة المحيسن من الدمام إلى الرياض، وهي من ذوي الاحتياجات الخاصة، للمشاركة من خلال ركن بـ11 لوحة، مزجت في طبيعتها بين الطبية الصامتة والرسم التخيلي.
وكانت الفنانة هيلة المحيسن قد بدأت تصارع المرض، بعد أن وُلدت من دون ذراعَيْن، وقد اتخذت من الفن التشكيلي طريقًا لها في مسيرتها الفنية.
وبدأت هيلة المحيسن طريق الفن منذ تسع أعوام، وتتطلع في مسيرتها المستقبلية لفتح مرسم، يهتم بذوي الاحتياجات الخاصة.
واختتمت هيلة تصريحها معبرة عن جزيل شكرها للقائمين على «مسك آرت» لتبني الموهوبين، والسعي في تنمية مهاراتهم.
وتأتي إتاحة الفرصة من مؤسسة محمد بن سلمان بن عبدالعزيز «مسك الخيرية» لمشاركة هيلة بهدف دعم التجارب الفنية، والمساعدة في إبرازها وتطويرها لوضع الأسس الأولى لتطوير السوق الفني المستقبلي، إضافة إلى إتاحة فرص تعاون وتعارف بين فنانين محترفين وهواة خليجيين وعالميين، ينتهجون اتجاهات فنية مختلفة لنقل المعرفة إلى الفنانين السعوديين، والتعرف على الأعمال الفنية المحلية.
نحات حارس الغابة السورية يشارك في «مسك آرت»
يبدو أن النحات السعودي سعود الدريبي كان متنبئًا بحال سوريا اليوم؛ إذ نحت عملاً فنيًّا، أطلق عليه اسم «حارس الغابة»، وهو نصب ثابت في غابات الفرلق شمال اللاذقية.
وقال الدريبي: إن العمل الذي وُضع في منطقة الفرلق كان قد أنجزه قبل 20 عامًا عندما استضافته وزارة الزراعة السورية. مشيرًا إلى أن حارس الغابة ذا الأمتار الأربعة طولاً استغرق العمل عليه قرابة الشهر.
وعند سؤال الدريبي عما إذا كان حارس الغابة سليمًا اليوم، ولم يتعرض للدمار، أوضح أنه لا يعلم متمنيًا أن لا يكون قد دُمِّر؛ كونه حجرًا ليس له ذنب فيما يحدث اليوم. مبينًا أن حارس الغابة يحمل ملامح بشرية، تأخذ من شكل رجل الغابة والبدائية.
الدريبي من مواليد جنوب المملكة إلا أنه مستقر في مدينة النحت، وهي مدينة الدوادمي، التي تعتبر ثقل النحت في السعودية. وكان قد بدأ رحلته الفنية في ربيعه الثاني عشر، وتنقل بين العديد من الفنون، منها التمثيل والغناء والشعر، إلا أنه استقر نحاتًا.
وعن الصخور ونوعيتها أوضح الدريبي أن الرخام أكثر راحة وأسهل الأنواع، يليه الخشب، ثم الجرانيت، ثم المرمر الذي يعد أثقلها. ولم يتمكن الدريبي من حصر إجمالي منحوتاته التي عملها منذ بدايته واصفًا العدد بالضخم.
الدريبي عاش في لبنان ثم في إيرلندا لمدة 6 سنوات، وتنقل بين العديد من دول العالم، واكتسب المهارات، وطور أعماله بعد الالتقاء بالنحات عبد الله عبد اللطيف الذي كان مبتعثًا لدراسة الفن في الولايات المتحدة الأمريكية، وكان الدريبي يدرس هناك أيضًا. والدراسة تتطلب أن يحصل الطالب على 40 ساعة إضافة خلال دراسته، وقضى الدريبي ساعاته في النحت مع عبد اللطيف. وعن أضخم أعماله أكد الدريبي أنه منصوب على طريق الرياض - مكة المكرمة، وتحديدًا في القويعية، بطول 17 مترًا. مشيرًا إلى أن العديد من الجهات الحكومية تعرض أعماله الفنية في العديد من المواقع.
في «مسك آرت».. حتى وزير التجارة مسكون بالفنون الجميلة
لم يفضل وزير التجارة والاستثمار الدكتور ماجد القصبي تفويت فرصة زيارة مهرجان مسك آرت، الذي تنظمه مؤسسة محمد بن سلمان بن عبد العزيز «مسك الخيرية»؛ إذ شهد اليوم الأخير في المهرجان زيارة القصبي برفقة حرمه، وكانت اللوحات التشكيلية تستوقفهما على نحو لافت.
وفي تصريحات له على هامش زيارته لـ»مسك آرت» اعتبر الوزير القصبي المهرجان أنه وضع البلاد على خارطة الحضارة الثقافية عالميًّا، لافتًا إلى أن الفن هو اللغة الوحيدة التي لا تحتاج إلى مترجم، فيما يعتبر مقياسًا، تُقاس به حضارات الأمم. وقال القصبي خلال زيارته لمهرجان «مسك آرت»: «استمتعت كثيرًا بما شاهدته من إنتاج فني عظيم للسعوديين والسعوديات المشاركين في المهرجان. وهذه الفنون لا تحتاج لمترجم حتى تُفهم؛ فهي تخاطب كل الشعوب وكل الإنسانية في العالم».
وأضاف وزير التجارة والاستثمار بالقول: سرني ما رأيته اليوم في هذا المحفل من تنوع الفنون، وتنوع فئات وشرائح المشاركين من أطفال وشباب ومحترفين وفنانين من ذوي الإعاقة. مضيفًا: مشاركة عشرات الفنانين السعوديين تبعث على الفخر.. فشكرًا لكل من شارك لإخراج هذا المهرجان بالشكل المشرف.
وزير الثقافة: «مسك آرت».. تجربة فريدة على مستوى المنطقة العربية
اعتبر وزير الثقافة والإعلام الدكتور عادل الطريفي مهرجان مسك آرت تجربة فريدة من نوعها على مستوى المنطقة العربية، ومفخرة للسعودية، داعيًا إلى الاحتذاء بالنسق التنظيمي الذي اختطته مسك لنفسها في هذا المهرجان وفعالياتها السابقة.
وأثنى وزير الثقافة والإعلام على الجهود التي تبذلها مؤسسة «مسك الخيرية» في ربط الشباب والشابات بمجتمعهم، كما هو حاصل في مهرجان مسك آرت وما قبله من فعاليات، مثل ملتقى «مغردون»، وغيره من المناسبات التي نظمتها المؤسسة.
ونوه الوزير الطريفي بإبراز مهرجان «مسك آرت» بدايات الفن التشكيلي في المملكة ومؤسسي ذلك الفن، وباهتمامه بها، وذلك عبر عرض لوحات تعود للفنانَين الراحلَين محمد السليم وعبد الحليم رضوي.
واعتبر الدكتور عادل الطريفي أن مساهمة مسك ومبادرتها في دعم موضوع الفنون في البلاد أمر مهم للغاية، وتأتي منسجمة مع توجهات القيادة بهذا الخصوص. مبينًا أنها نجحت في ذلك، ليس فقط في تقديمها عملاً نخبويًّا، بل بمقدرتها على نقل هذه التجارب للمجتمع بأكمله. منوهًا بفعاليات «مسك آرت» التي تتضمن على هامشها ورشًا تدريبية وتعليمية للهواة والمحترفين على حد سواء. فيما لم يفته الإشادة باحترافية التنظيم، الذي وصفه بأنه كان على «أعلى درجاته».
تجمُّع شبابي سعودي إماراتي يبحث الارتقاء بالفنون البصرية على هامش «مسك آت»
على الرغم من حجم التحديات التي تواجههم إلا أن لغة التفاؤل والأمل بدت مسيطرة على آراء فنانين من دول مجلس التعاون الخليجي وبعض الدول العربية، الذين شاركوا في منصة حلقات شبابية، نظمتها «مسك الخيرية» ومجلس الإمارات للشباب على هامش فعاليات مهرجان مسك آرت.
وتعد «حلقات شبابية» منصة شبابية حوارية، ينظمها مجلس الإمارات للشباب بصورة دورية في مواقع مختلفة، ويتم فيها عرض أفضل الممارسات، ومناقشة أهم الموضوعات ذات العلاقة بالشباب وتطلعاتهم، والتحديات التي يواجهونها؛ وذلك بهدف الخروج بحلول عملية وأفكار مبتكرة. ويأتي عقدها في الرياض للمرة الثانية امتدادًا لاتفاقية التعاون بين مؤسسة «مسك الخيرية» ومجلس الإمارات للشباب. وقد تم عقد إحدى دوراتها السابقة في الرياض على هامش ملتقى «شوف» في شهر أكتوبر الماضي.
وبدا رئيس جمعية الثقافة والفنون الدكتور سلطان البازعي متفائلاً جدًّا بمستقبل الفن والفنون في المنطقة الخليجية، والسعودية تحديدًا. وقال البازعي في مخاطبته حضور «حلقات شبابية» المشاركين في مهرجان مسك آرت إن المستقبل أمامهم مشرق جدًّا.. باعثًا شكره وتقديره لمؤسسة مسك الخيرية على تبنيها مثل تلك المهرجانات، وقائدها ولي ولي العهد النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز على خطواته الإبداعية والأكثر من رائعة التي تقدمها المؤسسة دعمًا للثقافة والفنون في البلاد. وخُصص التجمع الشبابي السعودي الإماراتي، الذي شارك فيه عدد من الفنانين الآخرين من بعض الأقطار العربية، لبحث موضوع مستقبل الفن في المنطقة، والتحديات التي تواجه الفنانين بشكل عام.
السعوديون متذوقون للفنون.. الصورة الأبرز في «مسك آرت»
كثيرة هي الأقاويل التي كانت تنتقص من ثقافة السعوديين، وعدم اهتمامهم بالفنون بشكل عام، قبل أن يأتي مهرجان «مسك آرت» ليثبت أن في السعودية شعبًا ذواقًا للفن، وتواقًا إليه.. فعلى الرغم من المسافة البعيدة نسبيًّا للموقع الذي يقام على أرضه مهرجان «مسك آرت» عن العاصمة الرياض؛ إذ يتطلب الأمر قطع مسافة تزيد على 20 كيلومترًا خارج المدينة، إلا أن ذلك لم يمنع آلاف الزوار من زيارة المهرجان، والتفاعل مع أقسامه وأركانه والمعارض المقامة فيه بشكل كبير.. وقد وصل الحال إلى دفعهم مبالغ من أجل شراء اللوحات المعروضة في المهرجان.
يقول رسام الكاريكاتير عبد الله جابر، الذي كان يقف أمام لوحاته الكاريكاتيرية، إنه كان منبهرًا جدًّا بمستوى التفاعل الكبير الذي أبداه المواطنون والمواطنات من شرائح المجتمع كافة مع المعرض.. مؤكدًا أن مستقبل الفن في البلاد يبدو واعدًا جدًّا في ظل الاهتمام منقطع النظير الذي عكسه مهرجان مسك آرت. متنبئًا بأن البلاد مقبلة على صناعة فنية كبيرة خلال السنوات القليلة المقبلة.
إلى ذلك، أسهمت الإبداعات الفنية التي أظهرها فنانو مسك آرت في إسقاط الكثير من المقولات التي كانت تعتبر من المسلَّمات، منها مقولة «صاحب مهنتين كذاب»؛ إذ أثبت الفنانون عدم صحة تلك المقولة؛ إذ تعددت المهن الأساسية للفنانين المشاركين في مهرجان مسك آرت ما بين مهن: التدريس، والطب، والهندسة، والأعمال الإدارية، وغيرها.