عبد الله باخشوين
.. أنا لا ألعب القمار -والعياذ بالله- ولا أفهم فيه.. ولا أريد.. لكنني راهنت.
قلت على ماذا يمكن أن يراهن الذي لا يملك شيئاً.
لا بد على نفسه وعياله.
وهكذا كان ففى رواية (جبل الحبالي) أو (المسكون) لا أذكر - لكنها ما زالت (مسودات) لم تعد تعنيني.. راهن (ثابت) على ابنه وأيامها كان بيع الناس وشراؤهم حلالاً.. وخسر الرهان.. ووصل الأمر (في الرواية) إلى أن يأتي الكسبان لأخذ ولد الخاسر وهكذا.
هي حكايات.. حتى إن أبي أحياناً كان يقول لي (يا عبدالله أبوك طفران خليني أروح أبيعك وأفك عن نفسي).. والسر والمبرر أن أبي أبيض وأنا لأمي أسمر.. وإخوتي ليسوا بلوني أيضاً.
كنت أقول له (لا مانع) وإنني سوف أهرب وأعود للبيت.
الرهان.. ظل في مخيلتي وهو نوع من التحدي.. وصرت أحيلة بلا شيء سوى نفسي.. وعندما تحول وعرفت أنه (كروت) تلعب بها وتراهن عليها (قلت سوف أراهن بورقة خاسرة هي نفسي وأبنائي.. وهكذا كان).
راهنت حتى دون أن أعرف أصول لعبة (القمار) كل ما في الأمر أن أبي كان صديقي.. هو في عمر (لست أدري كم) وأنا عمري لا يزيد عن العاشرة.. لكنه كان يحدثني كأني في مثل سنه كذا كانت أمي.. تحدثني كأني في مثل سنها.
وللحق فإني تعلّمت منها متناقضات أفادتني في مستقبل حياتي كأن أعرف أن أبي فقير لأنه خرج عن طوع (الحضارم) ولم يدخل (السيستم) ويعمل في التجارة.. بل إنه بالغ في التمرّد ودخل الجيش وأصبح جندياً سائقاً.. ومن الجيش حصل له كا ما يستحق أن يروي من حكايات أدهشتني وأثارت خيالي.
كان أبي مسكوناً بي وبإخوتي وبحياة يتمنى أن يعيشها وحُرم منها.. غير أنه في النهاية فضّل حياة الحرمان التي في العسكرية على أية رفاهية يمكن أن ينالها في التجارة.
طبعاً لم يكن يعتبر التجار حرامية.. لكنه كان يعتبر نفسه (حرامي) لو عمل في التجارة.
أي بمعنى أنه لم يكن يستسيغ فهلوة التجار.
كان رجلاً بسيطاً محباً للحياة.. التي كان يعبرني أحد رموز بهجته فيها.
رحمه الله.. وأثابه ما يستحق على معاناته في دنياه.