سعود عبدالعزيز الجنيدل
منذ سنين مضت، وبالتحديد في المرحلة المتوسطة، وأنا أسمع هذه العبارة «نحن في آخر الزمان»، وكنت أسمعها بدءا من المعلمين في المعهد العلمي- كنّا نطلق عليهم لقب (مشايخ) حتى لو كان بعضهم حليق اللحية مسبل الثياب- وكانت مداركي في ذاك الوقت لا تعي هذه الجملة بكل تفاصيلها، ولكن كل ما أدركه هو أنها علامات تعني قرب نهاية الدنيا، والزمان، وبداية الدخول في العالم الأخروي.
حقيقة هذا الأمر جعلني أتساءل كثيرا حينها؛
- ما الذي ينبغي علي فعله؟
- وما المغزى من قول هذه الجملة كثيرا من معلمين أراهم قدوة، أتطلع للوصول إلى مستواهم.
هذه التساؤلات ظلت بلا إجابات لدي مدة من الزمن، وبعد انتهاء هذه المرحلة، ما زلت أسمع هذه الجملة في المجالس وفِي المرحلة الجامعية، -قبل سنين مضت-، لكن النظرة حاليا تغيرت، فقد تعلمت أشياء كثيرة، تحث على العمل، وعمارة الأرض، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم «إِنْ قَامَتِ السَّاعَةُ وَفِي يَدِ أَحَدِكُمْ فَسِيلَةٌ، فَإِنِ اسْتَطَاعَ أَنْ لَا يقوم حَتَّى يَغْرِسَهَا فَلْيَغْرِسْهَا».
وقال عبدالله عمرو بن العاص- رضي الله عنه-»اعمل لدنياك كأنك تعيش أبداً، واعمل لآخرتك كأنك تموت غدا».
واقتنعت أن هذا هو الفكر السليم، أما تكرار هذه الجملة « نحن في آخر الزمان»، وإسقاطها على أحداث معينة، فهذا هو الخطأ بعينه، فاستخدامها في هذا السياق يدعونا لعدم العمل، وانتظار تحقق هذا الأمر، وكأننا مستسلمون، يائسون من هذه الدنيا، ومكبلون بالأصفاد والقيود، فلا حول لنا ولا قوة.
بعض الدعاة كان وما زال يكرر هذه الجملة، ويسقطها سياسياً على الأوضاع الراهنة، وبالتحديد في الثورة السورية، فلا يفتأ يسرد الأحاديث ويسقطها على الأوضاع السياسية الحاصلة؛ لكي يبرهن على صدق كلامه، والمشكلة أن هؤلاء لا يعرفون خطورة كلامهم وإسقاطاتهم، حتى أني سمعت كثيراً من كبار السن هذا الكلام، وكأنه صدى يتردد كثيراً في المجالس، ومع أن هذا الأمر من الأمور الغيبية إلا أنهم يستدعون النصوص ويسقطونها على الأحداث محاولين إقناعنا بها.
والنتيجة هي عدم حصول ما يذكرون، ويستمرون مع كل حدث يكررون ما يقولون!، وهكذا دواليك.
ولا أدري حقيقة ماذا يريدون منا أن نفعل بهذا الكلام، وهذا الفكر.
ألم يقل المصطفى صلى الله عليه وسلم «إِنْ قَامَتِ السَّاعَةُ وَفِي يَدِ أَحَدِكُمْ فَسِيلَةٌ، فَإِنِ اسْتَطَاعَ أَنْ لَا يقوم حَتَّى يَغْرِسَهَا فَلْيَغْرِسْهَا».
فالحديث واضح وضوح الشمس في رابعة النهار، فهو يخبرنا يقيناً بقيام الساعة- وليس إسقاطات من قبل بعض الدعاة- ومع هذا يأمرنا بالعمل وغرس الفسيلة.
أتمنى أن تكون هذه الرؤية التي نحيا بها، ونعمل لأجلها، لعلنا نعود أمة قوية فتية كما كنّا.