صيغة الشمري
سوف يكون أغلب ما أقوله في هذا المقال مكرورًا إلا من أجزاء منه قليلة؛ كون حديثنا عن وسائل التواصل الاجتماعي، وتأثيرها في تغيير الحياة على وجه هذا الكوكب. نقول هذا مقلدين من يقولون به دون تخيل ذلك على أرض الواقع. كل ما تكتبه في وسائل التواصل الاجتماعي ستجده أمامك وليس خلفك. ليس هناك محتوى تضعه فيها، وتطمئن بأنه أصبح من الماضي. كل ما ستكتبه في فضاء الشبكة العنكبوتية سيركض أمامك أينما ذهبت. هذا الكلام كتبه قبلي توماس فيردمان في إحدى مقالاته قبل سنوات، يؤكد فيه أن الشبكة العنكبوتية ليس فيها ماضٍ؛ كل محتواها حاضر. لم تستطع مخيلتي العربية تخيل ذلك، أو حتى فهمه، وأرجعت السبب للفروقات الذهنية بين عقل ينتمي لدول العالم الأول وعقل ينتمي لدولة من دول العالم الثالث. وبعد دخول تويتر للعالم الرقمي رأيت ما يقوله فريدمان رؤية العين؛ إذ أصبحت تغريدات مكتوبة قبل سنوات تلاحق صاحبها أينما ذهب. كم من مسؤول كان لا يعلم عن قدره ويغرد خاليًا من المسؤوليات الاجتماعية ليجد نفسه بعد سنوات وقد تقلد منصبًا فيركض مسرعًا يسابق عشاق الفضائح والفضول إلى تغريداته؛ ليحاول مسح ما يستطيع منها، ولكن هيهات يستطيع؛ فالمسح لا يجدي أمام بعض الضالعين في نبش قبور تويتر. وهذا يعود لجهل ثقافة التعامل مع وسائل الإعلام الجديد، التي تعتبر - من وجهة نظري - أمية جديدة، يجب التحرك للقضاء عليها. سوء استخدام منصات الإعلام الجديد ينتج من غياب المسؤولية الاجتماعية الذي هو متأصل في مجتمعنا العربي، ولا دخل للشبكة العنكبوتية به إلا من ناحية أنها تسببت في كشفه بشكل واضح، وزادت من انتشاره من خلال كثرة الأسماء المستعارة، وكثرة المحتوى الذي يعبِّر عن عدم إحساس صاحبه بالمسؤولية، وإلا كيف برجل أصبح مسؤولاً كبيرًا فيما بعد يغرد بعبارات لا يكتبها أكثر المتعصبين من جماهير الأندية السعودية لكرة القدم؟ كذلك تظهر أمية السوشال ميديا عند الكثير من الإعلاميين وبعض المسؤولين في الإعلام الذين يديرون قنوات إعلامية، لها صولات وجولات، ولكنها ما زالت تدار بفكر إدارة الإعلام القديم من خلال استضافتهم أو توظيفهم أناسًا، شتمونا وشتموا بلادنا وحكومتنا بطريقة تنم عن حقد دفين وكراهية بغيضة.. كان بالإمكان اكتفاء الحرج في بذلك بجولة بسيطة في حسابات هؤلاء بالسوشال ميديا أو عبر قوقل قبل دعوتهم!