لبنى الخميس
هل استيقظت يوماً وأنت تفتقد الشعور بالحماسة والتحفيز أن تقوم بأي شيء جديد في حياتك.. أو حتى شيء تعودت القيام به كالذهاب إلى العمل أو ممارسة الرياضة؟ هل سبق وشعرتِ بخيبة أمل وإحساس سلبي بالإحباط لأنك غير مقبلة على القيام بتجارب ومخاطرات كونك تفتقدين للشعور بالجاهزية والتحفيز؟
هذا أحد أكثر المواضيع التي شدتني لسيدة الأعمال والكاتبة الأمريكية لأكثر الكتب مبيعاً ميل روبنز، التي وصل خطابها في تيدكس لأكثر من 10 ملايين مشاهدة، حين أكدت بأن أكبر كذبة قد يعيشها الإنسان هو انتظار أن يستيقظ يوماً ما وهو يشعر بالاستعداد والحماس أن يقوم بشيء عظيم. فالعديد منا يملك أفكارا رائعة.. لكتب مؤثرة.. مشاريع جبارة واختراعات عظيمة.. لكنه يعتقد بأن ما ينقصه هو الدافعية والتحفيز.. وهذا خطأ كبير
كون دماغ الإنسان مصمم أن يحميك من التجارب التي قد تبدو مخيفة وخارج منطقة راحتك.. والقرارات الصعبة وغير المريحة أو مألوفة. يصور لك شكلك وأنت تتجرع مرارة الفشل لا وأنت تتذوق حلاوة النجاح.. إحساسك وأنت تفقد رأس المال.. لا وأنت تجني الأرباح.. خيبتك وارتباكك وأنت تلقي خطابا أمام الجمهور، وليس إحساسك بالفخر وأنت تستمع لهم وهم يصفقون ويهتفون لك.. فعقل الإنسان مصمم أن يحميك كي يبقيك آمنا وبعيدا عن المشكلات والتحديات.
لكن حتى تكون أفضل قائد أو معلم.. وحتى تكوني أنجح أم وسيدة أعمال.. يجب أن تقومي بما هو مخيف وصعب وخارج دائرة ارتياحك، لذلك التحفيز كلمة مراوغة.. وانتظارها يغذي عادة سلبية في داخلنا وهي عادة «التردد» التي بسببها تقرر أن تصمت في غرفة الاجتماعات بدل أن تشارك أفكارك، وما قد لا ندركه، بأن تلك اللحظة الصغيرة البسيطة التي نتردد ونرتبك فيها.. ترسل إشارة إلى الدماغ بأن هناك خطرا يتربص بنا فيبدأ بالتساؤل: لماذا لم تردد وأنت تركب سيارتك؟ أو ترتدي ثوبك؟ أو تتحدث إلى صديقك؟.. فيبدأ باستشعار الخطر وخفض ثقتك بنفسك لدرجة تشلك تماماً عن التفكير بشكل طبيعي أو منطقي.
لذلك ما سيغير حياتك، ويصنع مستقبلك، ويجعلك تصل لأحلامك وتكون أفضل نسخة من نفسك ليس انتظار التحفيز بل اتخاذ القرارات الصعبة، وأنت فعلياً على بعد عدة قرارات من هذا النوع.. لأن القرارات الصغيرة والخيارات المتراكمة منها هي ما تنقلك من خانة الإحجام إلى عادة الإقدام.
لا أحد منا يستيقظ صباحاً ويقرر بأنه سيدمر حياته ويتخلى عن أحلامه.. نحن نفعل ذلك تدريجياً حين نقرر بمجموعة من القرارات وباقة الخيارات الصغيرة، مثل أن نصمت حين يجب أن نتكلم، ونتراجع حين يجب علينا أن نتقدم، وأن نقصر بحق عملنا وعائلاتنا وأصدقائنا وصحتنا، فنستوعب في لحظة بأننا دمرنا حياتنا بشكل تدريجي، والعكس أيضاً صحيح، فالحياة الرائعة والعمل الممتع والعلاقات الصحية هي أيضاً نتاج قرارات متراكمة، فركز على القرات الصغيرة، ولا تنتظر وهم التحفيز الذي قد لا يأتي أو يطول انتظاره، بل اتخذ القرار الصعب والخيار الشجاع الذي سيغير حياتك إلى الأبد.