محمد بن علي الشهري
يتملكنا الإعجاب -حدّ الانبهار- بقدرات الغرب وبعض بلدان الشرق الآسيوي على التكيّف، والسرعة في إتقان العمل المؤدي عادة إلى مرافئ النجاح، فضلاً عن سهولة وسلاسة التعاطي مع المتغيرات والمستجدات دون ارتباكات؟!.
ولكن القليل منّا من يبحثون ويتقصّون عن السِرّ الحقيقي وراء ذلك التميّز الذي يمتطونه ليوصلهم إلى ما وصلوا إليه من نجاحات مكّنتهم من تسيّد المشهد وجني الثمار، فيما البقيّة يلهثون خلفهم بخطى متثاقلة ومرتبكة تتّسع وتزداد معها مساحات الفوارق الزمنية والإنتاجية كل يوم؟!.
أما سِرّ الحقيقة، أوحقيقة السِرّ، وراء بلوغهم ذلك الشأو من الإمساك بتلابيب المضي قدماً في دروب التفرّد والثبات في تحقيق النجاحات تلو النجاحات، فليس لأنهم ملائكة لا يأتيهم الباطل من بين أيديهم ولا من خلفهم، أبداً.. ولكنهم أيقنوا بأن (القانون) هو الضامن والكافل الوحيد لضبط الأمور، وتنظيم وتسيير وتوجيه دفّة العمل والتعامل والتعاطي مع المتطلبات دون تدخلات وذلك في سبيل حماية الحقوق.
لذلك هم يضعون القوانين، ثم يحترمونها أيما احترام، من خلال فرض تطبيقها بحذافيرها على الجميع دون استثناءات، إذ لا مجال للتهاون أو التخاذل في مسألة تطبيقها أو القفز عليها، ومع مرور الوقت تشرّب الكل، صغاراً وكباراً، ثقافة احترام القوانين وتطبيقها تلقائياً دون الحاجة إلى من يراقب أو يطالب أو يُذكِّر.
بينما ما يحدث في أرجاء العالم الثالث هو العكس تماماً.. ولأننا أصحاب خصوصيات، لذلك فإننا حينما نضع القوانين والأنظمة، فإننا نحرص كثيراً على أن تكون (رخوة) وقابلة للاختراق والقفز عليها، ليس كرهاً في محاكاة العالم المتقدم، وإنما تحسباً لمستجدات ممارسة الشفاعات والواسطات والمجاملات وغيرها من الأساليب التي تتيح (للمتلاعب) الإفلات من العقاب، فضلاً عن كونها تبيح للراغب في ممارسة التلاعب حق الإدلاء بدلوه طالما أن ثمة من السوابق ما يمنحه ذلك الحق، وهكذا دواليك؟!.
مختصر القول: هم ذهبوا بعيداً في تحقيق نجاحاتهم لأن (ما عندهم خصوصيات) ولأنهم منحوا السيادة كاملة للقوانين.. بمعنى أنهم وضعوا الحصان أمام العربة، بينما نحن وضعنا العربة أمام الحصان؟!.
كل ما تقدم هو عبارة عن قراءة في الشأن العام، وبما أن الرياضة بكافة تفريعاتها أضحت تشكل أحد المكونات الأساسية لهذا الشأن، فمن الطبيعي أن تكون هي المعنيّة الأولى بهذا التناول.
جزاء سنمار؟!
على مدى عقدين من الزمان ظل الفريق النصراوي خلالها نزيل المناطق الدافئة في سلم الترتيب لا يبرحها، اللهم إلاّ خلال أحد المواسم الذي كان الفريق فيه قاب قوسين أو أدنى من الهبوط إلى مصاف أندية الدرجة الأولى لولا فزعة (الرمز ابوعجرا) الذي أنقذ الموقف.. ولم يكن للفريق الأصفر خلال تلك الحقبة أي منجز يُعتدّ به سوى الضجيج الناتج عن زحام الإعلام المحسوب عليه بمساعدة من بعض الأقلام والأصوات المتحالفة معه لأداء مهمات خاصة المعني بها الفريق الأزرق إلى درجة توحي لمن لا يعلم ببواطن الأمور أن الفريق الأصفر لا يغيب عن صعود المنصات، أو أنه ينافس حينها على جميع البطولات، هذا عدا تفرّغ الجمهور النصراوي لدعم الفرق المنافسة للهلال والتنقل خلفها من مدرج إلى آخر، بما فيها الفرق الأجنبية، حتى عُرِّف في فترة من الفترات بـ(جمهور المسيار)؟!!.
إلى أن قيّض الله لفارس نجد محب بمواصفات خاصة تمثلت في شخص الأمير فيصل بن تركي الذي تولّى المهمة الشاقة بكل عزم واقتدار، فحقق للنصر ما عجز أسلافه عن تحقيقه على مدى عقدين، أعاد بذلك النصر إلى جادة البطولات والإنجازات.
ولكنهم بدلاً من أن يحتفوا بهذا الشاب الطموح الذي انتشل الفريق من غياهب الإفلاس والحرمان الطويل، إلى عالم المنافسة وتحقيق البطولات، هاهم يجحدونه ويتنكرون له على طريقة (سنمار).. المفارقة العجيبة أنهم استكثروا عليه غياب موسمين، ولم يستكثروا على أسلافه غياب عشرات المواسم؟!.
عالم غريب وعجيب!!.