إبراهيم عبدالله العمار
لا شك أنك تجادلت مع الناس كثيراً. النقاش والجدال والمناظرة شيء من طبيعة البشر، وقد قال الله تعالى: {وَكَانَ الْإِنسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلًا}، لذلك ستجد الجدل دائماً، لكن بعض الناس إذا تجادل يقترف أخطاء منطقية، إذ أراد أن يحاجج عن موقفه، وإذا لم تنتبه لها فربما تسكت عنها وتدع خصمك يظفر، وذكرنا بعضها سابقاً في هذه الزاوية مثل مغالطة الاستثناء الخاص التي يطلب فيها الشخص استثناءً من قاعدة عامة فقط لأسباب عاطفية، ومن أكثر المغالطات انتشاراً مغالطة الشخصنة.
في هذه المغالطة يترك الخصم مناقشة حجتك ويركز عليك أنت وعلى شخصك، فمثلاً تتناقشان عن موضوعٍ ما ويتعارض موقفاكما، وبدلاً من أن يحاول الآخر الاستشهاد بدليلٍ علمي أو حجة منطقية فإنه يضعك أنت تحت المجهر كوسيلة لتحطيم حجتك، مثل: أنت يقال عنك أنك بخيل، لذلك فحجتك لا أساس لها. أو يقول إنه سمع أنك كاذب أو أنك سيئ الأخلاق وما إلى ذلك، ومن ثم فحجتك مردودة عليك. هنا لا علاقة لشخصيتك وأخلاقك بالحجة، وحتى لو كان كلام الشخص صحيحاً فهذا لا ينافي حجتك بالضرورة.
أعتقد أن هذه قد توجد لدينا بكثرة لأننا معشر العرب سريعو الانفعال ونميل أكثر للاستجابة للمشاعر أكثر من العقل! والشخصنة يندرج تحتها مغالطة أخرى منتشرة تسمى مغالطة تسميم البئر، وهي محاولة إفساد حجتك قبل أن تُدلي بها، فمثلاً بعد أن ينتهي من حجته يلتفت خصمك لمن حولكم يقول: «والآن سيتكلم فلان ويعارضني بحجة ضعيفة آتية من سوء فهمه للموضوع». إنها ضربة استباقية! في هذه المغالطة يحاول الخصم أن يؤثّر على الحضور بأن يوهن حجتك قبل أن تقول أي شيء، وإذا لم ينتبهوا فربما يقعون في الفخ ويصدقون كلامه، وفي هذه الحالة يكونون قد أخطأوا لكن أنت المتضرر، فوجّه انتباههم لما فعله ذاك الشخص قبل أن تدلي بحجتك.
في النقاش عليك أن تضع المغالطات هذه نصب عينيك لكي لا يُفلت منك الموضوع وينقلب عليك وأنت لا تشعر.