هالة الناصر
لا شكَّ في الدور الإعلامي المهم الذي تمثله قناة عالمية مثل قناة bbc بلغاتها المختلفة والتي جعلت منها منصة إعلامية من أكثر المنصات تأثيراً في الرأي العام العالمي، تملك من المهنية الإعلامية والاحتراف ما يجعلك تحترمها حتى وإن اختلفت معها وإن خالفت الواقع في بعض ما تعرضه، وخصوصا عن بعض قضايا دول الخليج العربي التي يبدو أنها تنبهت لها أخيرا وبدأت تحاول معالجة هذا الأمر بشكل تدريجي يلاحظه المهتمون والمختصون في مجال الإعلام، مشكلة bbc معنا كخليجيين تشبه جميع مشاكلنا مع باقي المنصات الإعلامية العالمية الأخرى تنبع من عدم وجود قنوات تواصل مباشرة، وهي مسؤولية تقع على عاتق الطرفين بل تقع بشكل أكبر على المسؤولين عن الإعلام في دولنا الخليجية الذين يفترض فيهم أن يمتلكوا المقومات الكافية التي من ابسطها امتلاك العلاقات الطيبة والإِنسانية مع المنصات الإعلامية العالمية المؤثرة، لتصحيح معلومة أو بيان وجهة النظر الأخرى، كل حلولهم تنحصر في الغضب وعدم التعاطي مع أي قناة تنشر خبرا مغلوطا أو مبالغا فيه أو غير صحيح عن دولنا الخليجية، لا يفهم بعض المسؤولين عن الإعلام في الخليج أن التصادم مع هذه المنصات الإعلامية العالمية لا يغير من موقفها أو وجهة نظرها شيئا، لأنّها منصات تدار بفكر مؤسسي ومهني لا يملك حتى رؤساء حكومات دولهم العظمى التأثير عليهم أو تغيير وجهة نظرهم، ما لم يكن بطريقة مهنية محترفة مدعومة بالحقائق عبر مودة خالصة وتواضع جم، وهي السلوكيات التي تجعل هؤلاء ينصتون لرأيك ويحاولون تفهمه، أما عدا ذلك فهو مضيعة للوقت وتعقيد للأمور، كون المفاهيم مختلفة بين الطرفين بشكل جذري وكبير لا يمكن حله سوى عن طريق التواصل من خلال مفهوم واحد ومتعارف عليه عبر مهنية إعلامية صرفة لا دخل للتخوين والعداء والترصد بها، الذي يفهم في الإعلام وفي أجندة المنصات الإعلامية الكبرى مثل bbc يعرف أنها تثق بمراسليها الإخباريين ثقة مطلقة، وبالتالي يكون الخلل في أخبارها ناتجا عن توجهات هذا المراسل وأيدلوجيته التي ينطلق منها، ففي البحرين مثلا لم تنتبه bbc لهذا الأمر وانجرفت خلف ما يرسله بعض مراسليها وهي مؤمنة بأنه محايد، بينما هو خاضع تحت سيطرة أقوى أيدلوجيا في الدنيا وهي الأيديولوجيا الدينية التي تسمى في مناهج الإعلام الأيديولوجيا المهيمنة أو الأقوى، وهذا الإجحاف والتجريح في حق بلد طيب مثل البحرين يظهر مع ظهور بعض مراسليلقناة المؤدلجين، بينما في استوديوهات القناة وفي برامجها الحوارية تجد مذيع القناة يلتزم الحياد بين ضيوفه في معظم القضايا التي تطرحها القناة؛ لذلك يجب علينا في الخليج التنبه لمثل هذه الأمور مبكرا ومراقبتها قبل حدوثها وتحذير القنوات الإعلامية العالمية وغيرها بطريقة مهذبة وإِنسانية من عدم الاعتماد على مراسلين مؤدلجين، والتدقيق في الأخبار التي يبثها هؤلاء المراسلون ورصدها وتصويبها وتزويد إدارة القناة بها مدعمة بالحقائق، لا توجد منصة إعلامية عالمية تغامر بمصداقيتها إلا اذا تعرضت لتمرير أخبار من قبل مراسل مؤدلج ومنحاز تماماً لطرف دون آخر، نتمنى أن تنتبه منصة إعلامية عريقة مثل bbc حتى لا تفقد أهم ميزة تتمتع بها بين قريناتها!