د.عبدالعزيز العمر
من المؤكد أن قيمة احتياطاتنا النفطية ليست هي التي تحدِّد ملامح مستقبلنا، كما أن حقيقة تطوُّر بلادنا وازدهارها ليست في مؤسساتنا الوطنية العملاقة، كالهيئة الملكية للجبيل وينبع، أو شركة سابك، أو غيرها.. مستقبلنا الحلم ليس فيما نجلبه من تقنيات معلومات وتكنولوجيا اتصالات، وليس في احتياطاتنا المالية القابلة للتآكل لدى لمؤسسة النقد. كما أن مستقبل بلادنا ليس فيما ورثناه من الأجداد من أمجاد وتراث، سيطويها التاريخ.. نعم، كل هذه الأشياء تبقى مهمة، لكنها لن تحسم مستقبلنا التنموي. خذوها من قاصرها: التعليم ذو الجودة والفاعلية العالية هو خارطة الطريق (GPS) التي ستقودنا نحو النمو والازدهار. إن تطوُّر بلدنا وتقدُّمه لا يحدده ويقرره سوى نوعية ما يجري في المدرسة السعودية من أحداث، وتحديدًا في نوعية ما يحدث داخل الفصل. هناك في الفصل (مختبر التقدُّم الوطني)، ويفترض أن يتم ولادة وتشكُّل ملامح المواطن السعودي المفكِّر المنتمي لوطنه، أي المواطن الذي يسهم ويشارك بكل ما يمتلكه من مهارات في خدمة ورقي مجتمعه. هناك في الفصل يتم إعداد المواطن الباحث عن المعرفة، والقادر على فرز غثها من سمينها، والقادر على ممارسة مستويات عليا من التحليل والنقد؛ ليتمكن من التفريق بين ما هو وَهْم وخرافة، وما هو حقيقة. هناك في الفصل يتمكن الطالب من استخراج أقصى ما يمكن من مكنونه من الإبداع والإنجاز؛ ليواجه اليوم عالمًا جديدًا، يتبدل ويتغير بشكل مهول وغير مسبوق. هناك في الفصل يتم صناعة العقول المفكرة التي تحارب الجهل والتخلف والخرافات، وتصنع المستقبل. هناك في الفصل اكتشفت سنغافورة وفنلندا وكوريا الجنوبية واليابان حقيقة تقدمهم.