د. هيا بنت عبدالرحمن السمهري
تحدث الكثيرون مستبشرين بمشروع مدينة «القدية» الترفيهية الثقافية الرياضية التي أعلن عنها سمو ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان في وفير من إشراقتنا الوطنية عندما أوجز وأجمل فقال حفظه الله: «إن هذا المشروع الرائد والأكثر طموحاً في المملكة يأتي ضمن الخطط الهادفة إلى دعم رؤية السعودية 2030» بابتكار استثمارات نوعية ومتميزة داخل المملكة تصب في خدمة الوطن والمواطن، وتسهم في تنويع مصادر الدخل الوطني.... إلخ».. وكان في إعلان سموه مكان وتمكين ونتائج استشرافية لمستقبل بلادنا بإذن الله، ومشروع «القدية» نبض حي في جوف الرؤية الوطنية، وحتماً ستكون «القدية مدينة تحقيق الأحلام؛ حيث إن المنصات الثلاث التي سوف تحتضن المكون التشغيلي الاجتماعي في تلك المدينة (الترفيه والرياضة والثقافة) كانت ومازالت تتوسد أنظمة وطرائق قدداً؛ إلا أن المأمول كما ذكره سمو ولي ولي العهد أن تتعانق تلك المدينة الحافزة مع تعزيز دور الموارد البشرية في بلادنا، ودفع الاقتصاد الوطني إلى مشاربه الجديدة، ودعم الأنظمة في المرجعيات القائمة لتلك المكونات بما يمكن من تجاوز العقبات والصعود المبدع، وذاك يعني أن يكون تخطيط التشغيل لتلك المدينة بمنهجيات مختلفة متطورة عما هو متبع في حاضر المرجعيات اليوم حتى صديقتنا الجديدة «هيئة الترفيه» وإن كانت وليدة متوثبة، إلا أنها تركت بعض حراكها للصدفة!!! والصدف أيضاً لها شروطها!!، وكذلك فإن من بيارق المشروع المأمولة أنه يمكّن من التنافسية العالمية في صناعة محركات المدن الحديثة، وأنه يعزز من ثقافة المجتمع السعودي وقيمه الإسلامية في إدارة منصات الحياة؛ وإذا ما تحققت التنافسية فإن الاحتياج الوطني والمجتمعي سيكون متحققاً بإذن الله.
ومن هنا نستشرف «القديّة» مدينة يخطف صباها عيون المبصرين؛ ونستشرفها مدينة تتلاقى فيها كل أطياف المثقفين لينسدل البوح وطنياً مشتركاً يحمل علامة «آيزو» سعودية مميزة، ونستشرفها مدينة يحتضنها حاضر جميل يتخطى حدود المحلية إلى آفاق أرحب، ونستشرفها محفظة استثمار كبرى تبارز فتنتصر ونتأملها هناك يحتضنها جبل طويق الأشم العملاق الذي ينتصبُ وجهه الغربي فارعاً مشمخرّا وتقوم فيه أنوف ورعان وقمم إذا استقبلتها الشمس فكأنها صفحات بيضاء يبدو فيها طول العهد والتواجد البشري العتيد في لوحات تتقاطع فيها الخطوط لتمثل تلك المدينة امتدادنا الحضاري العريق.
ولنعرّج قليلاً على القديّة كما نعرفها وكما أورد عنها صاحب كتاب «المجاز بين اليمامة والحجاز» الشيخ عبدالله بن خميس -رحمه الله-؛ أنها «منفذ مشهور في جبل طويق من أهم الأماكن التي تمر منها القوافل قديماً والركبان والوافدون من أواسط نجد إلى العاصمة» حتى قال «ولقد حدثني بعض الذين مروا معها في قافلة يبلغ تعدادها خمسمائة بعير فقال، كنا نعتاد المبيت تحت «القدية» من الغرب ويبدأ أولنا الصعود معها قبل صلاة الفجر وتطلع الشمس وآخرنا لم يدخله بعد».
طوبى اليوم للإعلام وعالمه الصاخب، وللتنمية وأوارها المحمود عندما حضرت «القدية» مصطلحاً جديداً لإيقاد الشموع، وحفز المنابع وتحسين المصبات في دروب التحولات الحضارية القادمة في بلادنا الغالية، ولعلّ مدنا جديدة تتعالق مع القديّة قريباً.