في العام 2007 انتدبت السعودية، مجموعة من الشبان الصغار حديثي التجربة، ومدربا (مغمورا) لنهائيات كأس آسيا، وذلك للمنافسة على الكأس الآسيوية، والذي لم تغب شمسها عنه لعقدين كاملين، كان الجميع حينها يمني النفس بلقب رابع، بعد أن حصدنا اللقب ثلاث مرات، وأخفقنا مرتين في تحقيقه بعد الوصول للنهائي، حداثة تجربة المدرب واللاعبين، ودخول أستراليا لأول مرة في النهائيات، بعد ضمها لآسيا، ووجود اليابان كمنافس شرس ودائم، أشياء حدت كثيراً من أمنياتنا، وجعلت البعض يقلّل كثيراً من حظوظنا وبعضنا الآخر نفاها بالكلية! هذا السيناريو حد أيضاً حتى من الضغوط الإعلامية والجماهيرية على المنتخب، إلى أن أصبح شبه معدوم مع بداية التصفيات، هذه الأجواء فجّرت طاقات اللاعبين ومدربهم، وأشعلت فيهم روح التحدي والحماس، وبعد أن كان الأخضر مستبعداً من الترشيحات، إذ به يجندل كل الخصوم، بما فيهم (الساموراي) العنيد، ويلعب على نهائي القارة، ولولا أشياء بعيدة عن الأمور الفنية، وعن الروح الرياضية، قام بها لاعبو العراق حينها لظفر منتخبنا باللقب بكل سهولة، واليوم التاريخ يعيد نفسه تماماً والمشهد يتكرر، بعد مضي عشرة أعوم على تلك الأحداث، ففي العام 2017 أخضرنا ينوي الذهاب إلى كأس العالم، بعد أن حطت طائرته هناك أربع مرات متتاليات، لكن اللاعبين قليلو خبرة هذه المرة أيضاً، وأستراليا واليابان أمامنا مجدداً في نفس المجموعة، كتحد رهيب لتأهلنا، وترشيحات الإعلام والجمهور تجافي الأخضر، وبشكل أقوى من سابقه، لدرجة أن البعض طالب بانسحابنا من التصفيات، حفظاً لما تبقى من ماء الوجه!! وأصبح الجميع ينظر من طرف خفي ويترقب، خشية خيبة ونكسة يحلها هذا المنتخب بالوطن، هذه الأجواء ساعدت أيضاً كما فعلت سابقتها، على تحدي اللاعبين أنفسهم، وبدلاً من أن ننسحب أو نتذيل مجموعتنا، قفز بنا الأخضر إلى صدارة المجموعة, مخلفاً وراءه أعتى فرق آسيا على الإطلاق, من هاتين التجربتين نخرج بدرس مهم ومحوري، في تعاطينا مع منتخبنا، فنحن لا نحسن الدعم والمساندة، وأفضل دعم نقوم به هو البعد عن المنتخب إذا كان قربنا سيجعلنا نقلل من لاعبيه! تعاطينا مع المنتخب عادة ما يكون قاس ومتشنج! يصل بنا أبعد من جلد الذات أحياناً، وهذا لعمري في القياس فظيع، فنحن نفرط في الثناء على لاعبينا حد التخدير، ثم مع أبسط إخفاق نسل سيوفنا عليهم! وقد كتبت سابقاً عن هذا الأمر، وكيف أن لاعبينا يؤون ويبدعون في الخارج، أكثر من الداخل، وبالأرقام والشواهد، بسبب تعاطينا الحاد معهم، لذا علينا الابتعاد حالياً عن المنتخب كما ذكرت سابقاً في الإعلام ومواقع التواصل، والاكتفاء فقط بدعمه بالحضور إلى الملعب، وتشجيع لاعبيه وتحفيزهم، والحذر كل الحذر من التقريع والاستهجان، عندما يلعب على أرضنا، والدعاء له عندما يكون في الخارج، إذا أردنا حقاً أن نشاهده للمرة الخامسة في كأس العالم، تلك هي الأجواء التي تساعد المدرب واللاعبين على العمل بهدوء وتركيز، وتحقيق النتائج الإيجابية، وعندما نحسن التعامل مع منتخبنا كما يفعلون في أوروبا وشرق آسيا، من الدعم والتشجيع والتحفيز، للاعبين حال الإخفاق والخسارة، قبل الكسب، حينها نكون جاهزين لدعم منتخبنا الدعم الصحيح.
- صالح الصنات