يُعَدُّ قطاع الصيدليات من أهم القطاعات الخدمية الضرورية، التي يحتاج إليها دون استثناء شرائح المجتمع وفئاته السنية كافة؛ إذ تغني في بعض الأحيان لدى معظم الناس عن الذهاب إلى زيارة المستشفى أو المركز الطبي والانتظار طويلاً إذا كانت الحالة أو الحاجة لا تستدعي أساسًا رؤية الطبيب؛ فهي تُعتبر ملاذًا سريعًا للذين يشتكون من الحالات البسيطة، كالزكام والتهاب الحلق أو الإنفلونزا الموسمية، أو لشراء المستلزمات الصحية والطبية الأخرى. وإن كنت - حقيقة - لستُ مؤيدًا لذلك؛ فالأحرى هو زيارة الطبيب، وأخذ مشورته في الحالات التي تستدعي الحصول على العلاج أو التوقف عنه؛ لكي لا تكون هناك نتائج عكسية أو مضاعفات أخرى لا قدر الله.
وبالعودة إلى هذا القطاع الحيوي، وما يمثله من أهمية في توفير فرص عمل للصيادلة السعوديين والسعوديات؛ فإن آخر الإحصائيات تشير إلى أنه قد بلغ عدد الصيادلة العاملين في السعودية ما يزيد على 37 ألف صيدلي، منهم خمسة آلاف سعودي حصلوا على تراخيص ممارسة النشاط.
تجدر الإشارة إلى أن معدل الخريجين من كليات الصيدلة يبلغ بين ألف وخمسمائة وألفي خريج صيدلي سنويًّا؛ وهذا من شأنه أن يزيد معدل البطالة بلا شك، ويتسبب في هدر اقتصادي للطاقات والمواهب الوطنية.
وبالنظر إلى هذه البيانات والإحصاءات، وما تشكِّله هذه القضية من هاجس يؤرق أبناءنا وبناتنا أصحاب تخصصات الصيدلة في البحث عن فرصة عمل وفق تخصصاتهم العلمية داخل وطنهم، نجد أن أفضل الحلول هو توطين قطاع الصيدليات بشكل تدريجي وممنهج، بالتعاون مع وزارة الصحة ووزارة العمل والتنمية الاجتماعية وكبرى شركات الصيدلة ذات الفروع المنتشرة في المملكة، دون التأثير على نشاطها وسير عملها، وذلك من خلال برنامج تدريبي لتأهيل الكوادر الوطنية للعمل لاحقًا في الصيدليات الخاصة، والنظر في إمكانية استحداث قسم نسائي لخدمة السيدات في بعض فروع الصيدليات لتوظيف الخريجات من قسم الصيدلة، والاستفادة منهن.
وسيُسهم - بمشيئة الله - توطين قطاع الصيدليات في تخفيف العبء الاقتصادي على الدولة، وعدم الاعتماد عليها في البحث عن فرص العمل، إضافة إلى أنه سيعمل على تخفيض معدل البطالة، وخصوصًا أن الإحصائيات الأخيرة التي أعلنتها هيئة الإحصاءات العامة تشير إلى أن معدل البطالة بين السعوديين على مستوى المملكة بلغ 12.3 %، وفي مدينة الرياض بلغت نسبة البطالة بين الذكور 6.5 %، وبين الإناث 28 %، إضافة إلى أن برنامج توطين قطاع الصيدليات سيسهم في توفير كوادر وطنية مؤهلة قادرة على الاندماج في سوق العمل، ويحد من نسبة العمالة الوافدة في المملكة، ويُخفِّض نسبة الحوالات الخارجية.
وهذا ما ينسجم -حقيقةً- مع توجهات ورؤى المملكة الرامية إلى تحقيق الرفاهية والعيش الكريم لمواطنيها كافة بمختلف فئاتهم.
- كاتب وباحث في الشؤون الاجتماعية