سعيد الدحية الزهراني
بحلول 2020 سيكون مصطلح «انترنت الأشياء» قد تشكل بصورة واضحة وشاملة وعامة.. رغم بروزه اليوم في أوضح تجلياته عبر هواتفنا الذكية التي أحالت الكثير من استخداماتنا إلى رف التقاعد المبكر.. وهذا ما تفعله أجيال البيئة الاتصالية الالكترونية السريعة المتسارعة على الدوام.. إلا أن المصطلح السابق بحلول التاريخ أعلاه وفق تقارير ودراسات المستقبل الرقمي.. ستكون هي الحياة البشرية الخالية من الحياة الإنسانية!
انترنت الأشياء بمعناها المباشر نظام يتيح الاتصال بين الأشياء، مثلما هي الانترنت حالياً تتيح الاتصال بين الناس.. وبصورة أكثر تقريباً.. سيعم اتصال الأشياء ـ كل الأشياء ـ التي يستخدمها الناس في حياتهم اليومية بصورة برمجية تقنية منظمة دون الحاجة لوجود العنصر البشري للتحكم فيها أو ضبطها.. الحال حينها وفق بعض التشبيهات الرائجة يشبه «كهربة الأجهزة» الذي طرأ على الآلات اليدوية سابقاً حتى صارت الغالبية العظمى من الأجهزة الآن تعمل آلياً بالكهرباء واستغنى الناس عن أيديهم..
أستحضر هذا الجفاف المستقبلي من مادة الإنسان.. وأنا أتأمل محطات العابرين على ومض السحابات الالكترونية أياً كانت اليافطات والتسميات.. لأطرح سؤال «كنه الإنسان» حين بدأ منذ الأزل بالأشياء الحجرية البدائية السابقة مروراً بعصور الصناعة تلتها المرحلة الاتصالية الجماهيرية وانتهاء بهذا الحين الاتصالي الالكتروني.. هل مر بنو البشر بهذه التموجات دون أن تكون «قلوبهم» معهم؟ أم أن تلك المضغة بعنوانها الأسمى «عاطفة الحب» كان النبتة الخضراء في طيات حياة البشر على مر العصور رغم التحول والتبدل؟!..
سيؤتمت البشر كل الأشياء.. إلا قلوبهم وعاطفة الحب.. سيستغنون ليس عن بعضهم بل حتى عن أعضائهم.. مثلما دشنوا عصر الاستغناء عن عقولهم.. لكنهم حتماً سيتهادون طوعاً لصوت الحب في قلوبهم.. سيحولون الاكتشافات والبرمجيات والنظم وكل الأتمتات إلى نوافذ حب.. يطلون منه وبها إلى قلوبهم ومن أحبت.. ستكون منابر قصائدهم وبوح وجداناتهم.. سيستوقفون بها ذواتهم الافتراضية ورفاقهم الافتراضيين.. سيمرون بأطلال التطبيقات التي جمعت ذات حب قلوبهم ففني التطبيق ولم يفن الحب.. أو ذكراه كما تروي قصصه دائماً.. استعيدوا نوافذ ما يستهويكم من تطبيقات إلكترونية.. ثم تأملوا أواني زهرها وبريد عشاقها.. ستجدونها افتراضية الأشياء إلا من قلوب الناس وحبها.. فالقلوب لا تؤتمت رغم (مرحلة التشيؤ الالكتروني)..