فيصل أكرم
هو كتاب يضم مجموعة من الدراسات في الخطاب الأدبي السعودي، للشاعر الناقد المصري عبد الله السمطي، صدر في العام 2002 عن دار المفردات بالرياض.. لم أعره اهتماماً في سنة صدوره ولم أقرأه كما يجب قبل الآن، ربما لحساسيات نجمت بيني وبين المؤلف بحكم صداقة حميمة بعض الشيء كانت بيننا في التسعينيات، حين كان كلانا في العقد الأول من التجربة الجادة المتجاوزة للبدايات مع الكتابة شعراً ونثراً شابها كثيرٌ من التوترات التي أفضت إلى تعمّد من الطرفين التجاهل المتبادل وإن لم يزل التقدير قائماً!
أفضفضُ بهذا الآن وأنا أطالع وأقلّب صفحات بعض الكتب التي حملتها معي من الرياض إلى القاهرة في محاولات متتالية لنقل أرشيفي الأدبي كله، وتوقفتُ متأملاً نسخة من هذا الكتاب (نسيج الإبداع) موقعة بإهداء ضافٍ وافٍ كان الممكن أن أقرأه بطريقة تنأى بالجهد النقديّ أدبياً عن الحساسية الشخصية – المزاجية في معظم الحالات - ولكنني لم أفعل في ذلك الوقت ولا أجد ضيراً في الاستدراك الآن؛ فأقرأ إهداءه كاملاً بتمعّنٍ كامل: (الشاعر المبدع فيصل أكرم.. وحدها الكلمات تنسجنا في طريقها الشائك الجسور... إذن مع القلب، مع جرأته سيكون للحبر مداه، ستكون للبصيرة حشودها الوضيئة، ولن يهرب حرفٌ من حديقة أبجديتها الفاتنة. محبتي وتحيتي – عبد الله السمطي – أبريل 2003) والآن.. ونحن في أبريل 2017 أقول له: صدقت وربّ الكعبة.. وحدها الكلماتُ، ولن يهربَ حرفٌ!
في هذا الكتاب الذي أراه الآن يتجاوز كتباً كثيرة صدرت بعده تحاول نقد الشعر والأدب عموماً في العالم العربي وفي السعودية خصوصاً، وقد جاء على شكل (مجلّد) في 370 صفحة قسّمها المؤلف ثلاثة أقسام: (في الظاهرة الشعرية، وأصوات شعرية راهنة، وقراءات سردية) ويكاد يكون تناول بالفعل فيها أهم المنجزات والأسماء حتى ذلك الحين وأراه أعطى للأمانة الأدبية في النقل والتوثيق جهداً يساوي جهده في التقصي والاستشفاف، أمّا عن الرؤية والمنهج ففيهما من النضج والخبرة والمراس ما يكفي للإشارة إليه كناقد غير منحاز لمدرسة على حساب أخرى، ولا إلى أيّ حسابات خارج كلمات الخطاب الأدبي نفسه، حرفاً حرفاً!
لن أقتطع من الدراسات التي ضمها الكتاب أي شيء للاستشهاد به أو التأكيد عليه، ولكنني سأكتفي بما قلتُ كشهادة كان السمطي يستحقها منذ سنوات بعيدة وقد سبقني إلى تقديمها كثيرون وضنّ بها كثيرون وقد وجدتُ الآن فقط، وأنا بعيد كل البعد عن كل مسببات جعلتني بصدق خارج أطر كثيرين من هؤلاء وهؤلاء أن أبادر بقول ما وجدته يستحق أن يقال ولم أؤجل قوله إلى هذا الوقت إلا للأسباب والظروف التي ذكرتها آنفاً.. فشكراً عبد الله السمطي، الناقد والشاعر والصديق الذي لم ألتق به منذ أربعة عشر عاماً وأتمنى أن يكون بكامل طاقته النقدية وملكاته الشعرية الأدبية كما عرفته سابقاً عن قربٍ بعّدته هوامشُ العلاقات ولاحقاً عن بُعد قرّبته مطالعتي المتأخرة لمتن كتابه الضارب إتقاناً في نسيج الإبداع.