لا يهتم كثيراً بمنح (أوتوجرافه) للقراء حول العالم الذين استنشقوا منه رائحة مختلفة في الذاكرة الأدبية، ولا بأضواء المهرجانات الثقافية والمقابلات الإعلامية والجوائز الأدبية؛ ليكتفي بالأضواء الخافتة في جزيرة عزلته ويغمس قلمه في محبرة العطر والدم ليعكس مشاهد فانتازيا القتل الهمجي والبربري في عالم اليوم؛ بالرغم من العودة الاحترافية والمتقنة لخياله في أعماق القرن الثامن عشر. القبض على فكرة جديدة باحترافية أو النظر لفكرة ما بمنظور مختلف ممتع ومقنع للقارئ، لم يتطرق إليها أحد من قبل في الذاكرة الأدبية والثقافية، تمنح للكاتب حضوراً مختلفاً ونجاحاً ممتداً وهذا ما فعله عبر مقاربته الجادة لحاسة الشمّ في الذاكرة الأدبية التي تعد موضوعاً أساسياً في بنية روايته التي امتدت سينمائياً. يؤكد بأنه لا يسع للذات الإنسانية أن تهرب من العبق : «بوسع البشر أن يغمضوا أعينهم أمام ما هو عظيم أو جميل، وأن يغلقوا آذانهم أمام الألحان والكلام المعسول ولكن ليس بوسعهم الهروب من العبق؛ لأنه شقيق الشهيق، معه يدخل إلى ذواتهم، ولا يستطيعون صدّه إن رغبوا بالبقاء على قيد الحياة، إنه يدخل إلى أعماقهم، إلى القلب مباشرة، حيث يتم الفصل الحاسم بين الميل إليه أو احتقاره، بين القرف منه أو الرغبة فيه، بين حبه أو كرهه»
إمضاء الروائي باتريك زوسكيند: تحرك بقلم غُمس في محبرة السّائِلَين؛ ليستنطق الأسئلة ..!
- حمد الدريهم