أدخل مناخ أبريل وطقسه من خلال أغاني فيروز التي أستلهم بها ذاكرتي القديمة عن تلك الجبال التي خرج منها ذلك الصوت بكل معانيه وجاذبيته وجمالياته التي لا تحصى.
كأننا نركض على تلك الجبال لننظر إلى زكي ناصيف، أو نحدق في جملة متخيلة لطلال حيدر، أو نرتعش في أغنية نثرتها صباح وحب لوع سلوى القطريب أو قصيدة لونها خيال سعيد عقل وتنهدها صوت جبلي أضحى مألوفا لنا، رغم أننا لم نر تلك الأحلام الجبلية التي سردوها لنا إلا من خلال ذاكرة يتيمة السفر قليلة الارتحال.
إنها جاذبية الإلهام وسر الإبداع الذي يتنقل بك من روح إلى روح وأنت لم تبرح بقعتك الجافة من أي مصدر للجاذبية، سوى أن تمتلك خيالا يدلك إلى خرائط الكون وحسب.
سوف أقفز إلى كل سماء عاشقة يرفرف إليها الحب ويشدو في صدرها صوت الأمل ويبث شجونه الشجي إلي وهو يصدح محاولة أن أتعالى بالكتابة على شجني الضرير.
أتمسك بلحظاتي السعيدة التي تجعلني أتماسك برغم كل شيء ولا ألتفت إلى مصائبي الطارئة مثل فيضان مفاجئ.
لا شيء أصعب من الشعور بالخناق اليومي الذي يدفعك إليه من تحبهم دفعا وكأنهم يحاولون تفتيت لحظاتك الحلوة.
أستحدث لغة جديدة للكلام المتجول في خاطري مع الغيم والحلم واللاحلم، كذلك في هذا المقهى النهاري تسطع الشمس كوجه جميل حي يحيطني بالحياة المدهشة ويملأ الواقع بالطقس الذي يجعل المكان يفيض بالطاقة في المقهى الجميل تتدفق الحياة بالناس المبتهجين وهم يحاولون بلقاءاتهم نسيان همومهم والاستمتاع بأحاديثهم ولقطاتهم.
كل مقهى طقس للتأمل والتفكر في مدى قدرة الناس على نسيان همومهم أو تشريحها على طاولة الكلام أو الصمت أحيانا، تشاركهم قهوة وأغنية وصوت يهمس أنينه لينتهي منه ولو مؤقتا.
إذن فلنجعل من كل مقهى صديق للحظاتنا الصامتة التي ترشفها القهوة بمرارة تليق بالطعم والهم ونعود بعدها إلى واقعنا متخففين من بعض ظروفنا الطارئة.
- هدى الدغفق