موضي الزهراني
نظمت اللجنة الوطنية للصحة النفسية في يوم الثلاثاء الماضي «حلقة النقاش المتخصصة لدراسة الجوانب النفسية ذات العلاقة بالعنف والإرهاب» والتي تم تقسيمها على ثلاث جلسات حوارية تناولت «الرؤية النفسية لظاهرة العنف والأرهاب، والخصائص والدوافع المحلية، والتدخلات وبرامج التأهيل».. ولقد كانت المشاركات متنوعة باختلاف تخصصات وخبرات المشاركين والمشاركات من قطاعات ومناطق مختلفة فهذه القضية الخطيرة أبدعت اللجنة في التنسيق والتنظيم لها، وأبدعت أكثر في فتح المجال لذوي الخبرة والاختصاص لمناقشة قضية خطيرة تمس أمن الدولة في ظل المتغيرات الاجتماعية والفكرية والاقتصادية في السنوات الأخيرة.
وباختلاف الرؤى التي طرحها المشاركون كانت مداخلتي والتي تمثل مشاركات وزارة العمل والتنمية الاجتماعية كجهة اجتماعية تنفيذية مسؤولة عن جزئية من العنف ألا وهو «العنف الأسري» والتي ركزت من خلالها على أن ازدياد حالات العنف الأسرية بالرغم من الاهتمام الحكومي والمدني بالحد منه، من خلال تعدد الخدمات الاجتماعية والأمنية، وتعدد لجهات الحقوقية، والإعلان عن أنظمة الحماية الاجتماعية الموجهة للمرأة والطفل، والاتفاقيات الدولية الحقوقية لهما، وتعدد وسائل الاتصال للتبليغ عن حالات العنف مثل 1919 و911، وتعدد وسائل الاستشارات النفسية والأسرية!.. إلا أن هناك خللاً أعظم بكثير من ذلك ساهم في تطور مستوى العنف القائم داخل الأسرة وامتداده إلى مستوى أخطر بكثير من المستوى الأسري، ليتجاوزه وينضم لمستوى الإرهاب «أمن الدولة» بسهولة!.
فالعنف الأسري من أحد العوامل الخطيرة التي أرى أنها ما زالت متوسطة في برامجها الوقائية والعلاجية وفي أساليب التدخل المبكر للحد من تطورها، وخاصة فيما يتعلق بأساليب التنشئة في المجتمع السعودي والتي يتمثل أغلبها في «التفرقة في المعاملة الوالدية» والعنف البدني واللفظي المستمر للأبناء والزوجات مما أدى إلى ظهور «بروفايل الشخصية السيكوبانية» المفاجئ للمحيط الأسري الذي نشأت فيه! وهي شخصية تحمل في كثير من سماتها سمات «الشخصية الإرهابية» التي ترتفع لديها الروح العدوانية، وترفض الأوامر الأسرية، وتشعر بالفخر لمخالفة الأنظمة والقوانين، ولديها مبرر دائم لانتقاد الناس الموجودة في مراكز السلطة! فهذه الشخصيات لا تظهر من فراغ، بل من خلال المحيط الأسري المضطرب، حيث اشارت الدراسات النفسية بأن هذه الشخصيات يرتبط ظهورها بأسباب كثيرة لكن من أهمها «إساءة المعاملة، والتفكك الأسري، وتعاطي المخدرات»!.. وللأسف الشخصيات العنيفة من السهل عليها لانعدام الارتباط العاطفي بأسرتها أن تنظم للمنظمات الإرهابية القتالية وتنساق خلف التفكير المتطرف وبدون مقاومة، بل وتعتز بذلك حتى لو أدى بها الحال لتقديم أرواح أقرب الناس لها «قرباناً» لهم من أجل كسب رضاهم وودهم! لذلك أتمنى أن ترتفع توصيات هذه الحلقة لمركز مكافحة أبحاث الجريمة بوزارة الداخلية ومركز الأمير محمد بن نايف للمناصحة لأنهما من الجهات الهامة جداً لإعداد الدراسات النفسية والاجتماعية، وفي ضبط وتفعيل الجهود لهذه القضية الخطيرة على أمن الدولة.