فهد بن جليد
انقطاع (النت) في حياتنا وتعثر التواصل مع الآخرين عبر الأجهزة الذكية يُسبب التوتر، الصداع، حدة المزاج، وقد يدفع لنشوب خلافات مع من هم حولنا، بل إنَّ ضعف (بطارية) جهازك الذكي - كافٍ - لجعلك تتصرف بجنون ونهَم وعشوائية للبحث عن شاحن، بطريقة يُشبِّهها بعض المتخصصين (بحالة الحرمان) التي يعاني منها المدمن عند فقدان المواد المُخدرة أو المشروبات الكحولية التي يتعاطاها، في ظاهرة تغزو العالم والمجتمعات، مما دفع لظهور فكرة جديدة أُطلق عليها (الصوم الإلكتروني) للتأقلم مع مثل هذه الظروف والمواقف، والتعامل معها بشكل صحيح قبل وقوعها..
هذه الفكرة قدمها بعض الأطباء النفسانيين مؤخراً بهدف علاج مدمني الأجهزة الإلكترونية بكل أنواعها، بالابتعاد عن التعاطي مع وسائل التواصل الاجتماعي التي يصعب (الانفكاك عنها) بسهولة مع التطور التقني وتداخلاته مع شتى مناحي الحياة المُختلفة، بل إنَّ هذا المفهوم الجديد له أثر إيجابي على حياة ونفسية الإنسان، للتخلص من الظواهر النفسية المُزعجة التي بدأت تؤرق الباحثين وتظهر على نفسيات المُتعاطين إلكترونياً، وتعتمد في الأساس على البُعد عن (الحد الأعلى) للتواصل الذكي، والعودة إلى طرق التواصل التقليدية عبر أجهزة الهاتف العادية المُتنقلة لخدمة الاتصال قدر المُستطاع لفترات مُحددة، بهدف الحفاظ على (الحد الأدنى) من التواصل لضمان عدم العزلة الكاملة وتعطل المصالح الحياتية والعلمية واليومية، وفوائد ذلك لا تُحصى، والسؤال هل يمكن الاستفادة من هذه الفكرة وتجربتها قبل قدوم (الضيف الكريم) الذي سيحل علينا بعد نحو 43 يوماً؟!.
كلنا مدعون بحسب كل هذه الدراسات والتوصيات النفسية من الأطباء لخوض هذه التجربة، ومُعالجة الظواهر المُزعجة قبل وقوعها، وأعتقد - شخصياً - أننا في شهر رمضان في حاجة للبعد عن كل أسباب التوتر والانشغال التي قد تصرفنا عن العبادات، لذا ستكون خطوة البعد عن أجهزة (السمارت فون) قبل دخول الشهر الفضيل، مُشجعة للحضور الذهني وزيادة التركيز والراحة النفسية والطمأنينة.
المسألة ليست صعبة ولا مُستحيلة، وهناك تجارب عربية وأجنبية لمشاهير استطاعوا الصوم الإلكتروني لأيام وأسابيع، ورصدوا وكتبوا عن الأثر الإيجابي لهذه التجارب الشهرية التي خاضوها، وهو ما يدفعنا للتفكير بجدية (للصوم التقني والإلكتروني) قدر المُستطاع في رمضان خصوصاً، مثل وجوب الصوم فيه عن الأكل والشرب!.
وعلى دروب الخير نلتقي.