رقية سليمان الهويريني
لا أحسب اِمرأً تجري فيه دماء الإنسانية لم يتألم من نتائج الأحداث الدامية بمصر الشقيقة، يوم الأحد الماضي، في كنيستي مار جرجس بطنطا ومار مرقس بالإسكندرية، ففجيعة الأحداث أوجعتنا ولم تجعل للمرء عقلاً يفكر ولا لباً يتدبر! فبشاعة الحدث تشكل اعتداءً سافراً على كرامة الإنسان، وانتهاكاً لحرمة المكان، وإيذاءً لمشاعر ذوي الضحايا، وهم يشاهدون أشلاء أحبابهم المتطايرة! والحق أن السبب في هذه التفجيرات لا يعدو عن عدة أمور أولها: محاولة مرتكبي التفجيرات تشويه صورة مصر وأنها غير آمنة ولا تصلح للإقامة أو السياحة ولا للاستثمار؛ فيتوقف النمو الاقتصادي وتتعطل عجلة الحياة، وتضعف الحركة، كما أنهم يريدون إظهارها ضعيفة فلا تقوى على محاربة الإرهاب!
أما الأمر الثاني فهو دق الإسفين في العلاقة السلمية المتناغمة والتعايش السلمي بين المسلمين والمسيحيين على أرض مصر، واللعب على وتر الطائفية وهو ما قد يؤدي بزعمهم لإسقاط الدولة المصرية الشامخة، برغم أن أجمل ما تراه في مصر هو أن حراس كنائس المسيحيين هم جنود وضباط مسلمون يقيمون صلاتهم المفروضة باتجاه القبلة أمام باب الكنيسة.
والأمر الثالث يتركز في ترويج الخطاب الديني المتشدد المشتمل على الكراهية والطائفية الذي يشحن العقول الجاهلة ويجندها، وهو مايستوجب مواجهة الإرهاب ليس بالوسائل الأمنية التقليدية ولكن بالطرق الفكرية من خلال إعادة النظر بالخطاب المتفجر من منابر المساجد الذي يدعو على اليهود والنصارى، ومن فتاوى تجيز التصفيات وتنشر الكراهية والطائفية.
وما يؤسف له أن الجماعات الإرهابية تترجم هذه الخطب وتفسر تلك الفتاوى إلى ما تسميه بالجهاد فتتحول الأجساد لقنابل بشرية مفخخة تقتل المسلمين وتفجر مساجدهم، وتسفك دماء الأقباط وتنسف كنائسهم.
حفظ الله مصر وأهلها من كل سوء، وبحول الله لن ينال منها الإرهاب، وبمشيئته ستخلو من الكارهين والمتربصين والمحرضين والمضللين والخائنين والعملاء.