د. محمد بن إبراهيم الملحم
بالطبع نعم، ولكن بعد إعلان معالي وزير التعليم قرب ظهور الكتاب الرقمي وإلغاء الورقي تماما خلال 3 سنوات قادمة ظهرت تحفظات بعض التربويين أو من عملوا في إدارة المجال التربوي بأن ذلك خطر على التعليم وسيكون له آثاره التربوية السلبية على العملية التعليمية حسبما اطلعت عليه في نقولات الصحافة، وأعتقد أن ذلك حري بالمناقشة، فأولا لا يمكن الجزم مقدما حول الآثار التربوية السلبية (أو الإيجابية) لأي إجراء في المجال التعليمي دون دراسة واعية في نفس البيئة، وأعتقد أن رغبة الوزارة في تطبيق المشروع تدريجيا بمعدل 150 مدرسة أول سنة يجب أن تتماشى مع هذا المبدأ فلا يكون التدرج بهدف التدرج فقط كمظهر سائد في مثل هذه الحالات وفي استعراض شكلي، وإنما بهدف الدراسة والبحث الجاد، وبكل شفافية، وبأيدي مختصين قادرين على قراءة معلومات البحث العلمي قراءة نزيهة محترمة، وبعدها يتم اتخاذ قرار المضي في المشروع أو إيقافه، كما أن عقود المشروع يجب أن تتبنى هذه الاحتياطات التدرجية من الناحية القانونية، وإلا أصابت المشروع متلازمة لزوم ما لا يلزم والتي أصابت مشاريع قبله، لا داعي للتصريح بها. أشير أيضا إلى أن هذا الأمر توجه عالمي ففي عام 2012 دعا الرئيس الأمريكي أوباما إلى توفير الكتاب الإلكتروني بأيدي جميع الطلاب بنهاية 2017 وقد طرحت وزارة التعليم الأمريكية مبادرتها إلى مصادر التعلم المفتوحة في أكتوبر 2015 ودعت جميع الولايات إلى تبنيها، وحتى بداية عام 2016 كانت هناك 13 ولاية قد استجابت لذلك من ضمنها هيوستن سابع أكبر ولاية في حجم المدارس.
ثانيا إدعاء أن إلغاء الكتاب المطبوع والاقتصار على الكتاب الرقمي يؤثر سلبا على العملية التعليمية لا ينطلق من أسباب جوهرية وإنما من مظاهر قابلة للتحوط والإلغاء بإجراءات ملائمة، وهذا شأن أي شيء في الحياة له إيجابياته الكبيرة وبعض السلبيات التي ينبغي تحملها في سبيل تحصيل الإيجابيات الكبرى مثل التخلص من ثقل الحقيبة وتعويد الطلاب على التقنية وحصول الطالب على نصوص تفاعلية وأدوات توضيح فعالة والكثير من إيجابيات التعلم الرقمي التي يعرفها أكثرنا ونطمح إليها. مشكلتنا في السعودية ربما تتجاوز ما لدى غيرنا في زيادة عدد المقررات لدينا بشكل كبير جعل ما يحمله الطالب على ظهره مشكلة حقيقية، ليس هذا فحسب بل عدم تقنين ما يطلبه المعلمون من الطلاب من الدفاتر يزيد في هذه الأزمة، ولا شك أن إلغاء الكتب المطبوعة سيقضي على هذه المشكلة تماما ولكنه أيضا سيحضر إلى المدرسة مسؤوليات جديدة لابد من العناية بها فمثلا: كانت الشكوى سابقا في سرقة أحد كتب الطالب من طاولته في الفسحة والآن ربما تسرق كلها مرة واحدة من خلال سرقة هذا الجهاز المغري فماذا أعدت الوزارة لهذه المشكلة؟ في كثير من الدول المتقدمة يوجد درج مخصص لكل طالب وله قفل خاص به يضع به أدواته وحاجياته لا سيما أن الكتب يشتريها أولياء الأمور غالبا، فماذا سيكون لدينا مع مشروع الكتاب الرقمي يا ترى؟
هناك سلبيات أخرى ذكرتها دراسة أمريكية وتقارير تحيليلية أخرى سأستعرضها لكم في المقالة القادمة مع حلول مهمة.