د. خيرية السقاف
ظلمت نفسها الظبية حين جعلت من نفسها نمرا,
بالصوت, بالحركة, بالكلمة, بالسلوك, بالفكر, وأبقت لها كحل العين, وثني المشية!!
تنمرت فأقامت معركة أشعلت أوارها, وأرهقت المضمار بالضجيج..
مع أن الظبية حليمة هادئة, جميلة شامخة, تطأ الأرض برفاه, وتلمس السيل بخفة,
وتشيع في الأركان جمالاً أخاذا ..
في خطواتها عطر الرشاقة, وفي تركيبتها بهاء الثقة..
لكنها وهي تتقمّص النمر شرسة شرهة..
نشاز في الغابة, تأكل نارُها الخير الذي لها, بالجمر الذي أوقدته
الظبية في المعركة تقلّد النمور في مشيتها, تلبس جلدها,
تكابر في تظاهرتها, بل تزاحم في هديرها ..
شرهة نحو الذي لها, والذي ليس لها..
خلطت بينهما وركضت!..
الأدهى أنها في ثوب الضعيف المظلوم تارة تتبدى, وفي تارات أخَر في إهاب المنافحين تتصدى!!
جُلَّ ما في الأمر أن تكون نمرة بين النمور, ولا يحق للنمر ما لا يحق لها..
الظبية في الغابة, ومتاهات المفازات, وطرق المعاش, وسبل البقاء تعصف بها الريح, تعتصفها الدوامات, تأخذها عاتيات الموج, يغرقها البحر, يحرقها البركان, توخزها الأشواك, توجعها جلاميد الصخور, تحطها الأنواء من علٍ..
النمر لا يقلّدها, لا يمشي مشيتها, لا يخلع جلده, لا يلبس ثوبها, لا يعاركها في مضمارها,
ولا تحمل أحشاؤه ظباء !!...
ما الذي عج في الطبيعة, قلب الظباء على نفسها,
وترك المضمار على مصراعيه للنزال ؟!!.......