المجمعة - فهد الفهد / تصوير - عدنان المقبل:
قام صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان بن عبد العزيز رئيس الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني يوم الاثنين الماضي بزيارة لمدينة المجمعة التي وصلها مستقلا قطار الشمال، وكان في استقباله لدى وصوله محطة القطار في المجمعة سمو الأمير عبد الرحمن بن عبد الله بن فيصل محافظ المجمعة وعدد من الأعيان ومديري الإدارات الحكومية، وفور وصول سموه قام بجولة على عروض الأسر المنتجة في مقر المحطة والتي تشرف عليها جمعية البر الخيرية بالمجمعة، حيث اطلع على منتجاتها واستمع إلى شرح مفصل من رئيس مجلس إدارة الجمعية الاستاذ توفيق العسكر، كما زار ركن منافذ بيع وتسويق منتجات الحرف والصناعات اليدوية في المحطة، واستمع إلى شرح من المشرف العام على البرنامج الوطني للحرف والصناعات اليدوية (بارع) في الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني، عن منافذ بيع وتسويق منتجات الحرف والصناعات اليدوية التي وفرها البرنامج بالتعاون مع الشركة السعودية للخطوط الحديدية (سار) في محطات القطار التابع للشركة، في كل من: الرياض والمجمعة، والقصيم، بعد ذلك قام سموه يرافقه سمو المحافظ بزيارة المنطقة التاريخية حيث افتتح قصر العسكر التاريخي الذي تمت إعادة ترميمه وتأهيله من قبل الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني، وكان في استقباله عند باب القصر الاستاذ عبد الله بن بدر العسكر محافظ محافظة رماح سابقا والأستاذ مشاري بن بدر العسكر وعدد من أسرة العسكر، ومدير مكتب السياحة والتراث الوطني بمحافظة المجمعة الاستاذ فهد بن عبد الرحمن الربيعة، حيث تجول والحضور في أرجائه واستمعوا إلى شرح مفصل عن مرافقه.
ويعد قصر العسكر التاريخي من القصور التاريخية المهمة في المنطقة ويقارب عمره المائتي عام، ويحمل السمات النجدية القديمة في العمارة وهو أحد القصور المشهورة في المنطقة، وزاره الملك عبد العزيز - طيَّب الله ثراه - والملك سعود - رحمه الله - والعديد من الأمراء والرحالة الغربيين وكتبوا عنه.
كما زار سموه وقف الملك عبد العزيز الذي تم الانتهاء من ترميمه ضمن مشروع تأهيل المنطقة التاريخية. حيث تجول على الدكاكين القديمة وساحة الوقف والمزرعة (الحويط) ومدرسة أحمد الصانع، واطلع سموه على عروض الحرف اليدوية من إنتاج نادي التراث الذي يشرف عليه الاستاذ خالد المزيني، كما شاهد عروضاً للأسر المنتجة التي تم عرضها بهذه المناسبة.
بعد ذلك زار بيت المزعل التراثي وكان في استقباله محمد المزعل وعدد من أسرة المزعل، حيث تجول داخله واطلع على محتوياته الأثرية. بعد ذلك توجه سموه إلى منتزه وادي المشقر الذي تحول إلى نهر جار على أثر الأمطار التي شهدتها المحافظة في بداية العام الهجري الحالي والتي ملأت السدود، مما جعلها أماكن للسياحة يقصدها أهالي مدن وقرى منطقة الرياض ومنطقة القصيم وغيرها الذين يقضون أوقات على ضفافه، بعد ذلك شرف سموه مأدبة الغداء التي أقامها سمو الأمير عبد الرحمن بن عبد الله بن فيصل محافظ المجمعة في مزرعته تكريما لسموه، كما شرف حفل الشاي الذي أقامه الاستاذ عبد الله بن محمد الربيعة محافظ القويعية سابقا في مزرعته وزار سموه الاستاذ أحمد بن محمد التركي في مزرعته والأستاذ نواف بن غلاب بن بصيص في منزله، ثم غادر سموه محافظة المجمعة مودعا بمثل ما استقبل به من حفاوة وتكريم.
سموه يتحدث للصحفيين
وعقب نهاية الزيارة تحدث سمو الأمير سلطان بن سلمان للصحفيين حيث قال: إن هذه الزيارة تأتي تلبية لدعوة من أخي الأمير عبد الرحمن بن عبد الله بن فيصل محافظ المجمعة وكنت بالأمس في معية سيدي خادم الحرمين الشريفين - حفظه الله - وعلم بمجيئي وبلغني السلام لأهل المجمعة الكرماء الأوفياء وأوصاني خيرا بالمجمعة وأهلها، وأنا في الواقع ليس بغريب عن المجمعة التي أزورها بشكل متكرر زيارات عمل نتفقد خلالها أعمال الهيئة في المحافظة وزيارتي اليوم كانت منظمه أكثر، حيث زرنا وافتتحنا العديد من المواقع واعتمدنا عدة أشياء وسعدنا بمقابلة رئيس البلدية الجديد ولدي العديد من الملاحظات التي دونها الزملاء سوف نجتمع اليوم الثلاثاء في الهيئة ونناقشها، ويسرني اليوم ان أعلن أننا سوف نقوم بتجهيز متحف المجمعة في بيت العسكر، كما أود ان أقول لأهالي المجمعة ان الدولة تمنح قروض مرافق إيواء وقروض المرافق السياحية ليست فقط الفنادق بل ممكن المزارع وبرنامج أرياف، وأضاف سموه ان الدولة قدمت مليارين وثمانمائة مليون ريال سيولة والهيئة سوف تعلن بعد أسبوع أو عشرة أيَّام عن أول أربعة مشروعات تمول من الدولة.. والسياحة الوطنية انتظرت قرابة اثني عشر عاما حتى ينطلق برنامج التمويل والبشرى ان الهيئة أصرت ان يكون التمويل للمدن التي لا يتعدى سكانها مليون نسمة، لذا ركزنا على المناطق التي مثل المجمعة التي هي في الواقع محور أساس لذلك، كما ان المجمعة تملك رجالا يخدمون وطنهم منتشرين في كل مكان واعتقد ان سرعة التنمية في المجمعة ستكون عالية جدا.
وردا على سؤال لـ(الجزيرة) عن متى سيتم تطوير وتهيئة المسار السياحي الممتد من المجمعة إلى عودة سدير؟
قال سموه لدينا العديد من المسارات حيث إن هناك مسار سدير ينطلق إلى الغاط ثم الزلفي، فالقصيم ومسار آخر يبدأ من الرياض ويمر بحريملاء والقصب وشقراء واشيقر ثم يعود إلى الغاط ثم إلى المجمعة ثم إلى طريق سدير القديم ولجنة السياحة في المحافظة برئاسة أخي الأمير عبد الرحمن الذي في الواقع يتابع أعمال اللجنة معنا سواء من خلال الزيارات المتبادلة بيننا أو الاتصالات والآن المجمعة لديها خطة تطوير سياحية منظمة من حيث مرافق الإيواء التي نحن في الهيئة نبدي استعدادنا في العمل مع المزارعين أو الذين يتولون بناء مواقع في ذلك، وبدورنا أيضاً سوف نعمل الكثير من الجهد في المجمعة.
وأكَّد سموه ان الدولة رأت من خلال برنامج التحول ان السياحة الوطنية هي قطاع اقتصادي كبير وهذا الكلام كنا في الهيئة نقوله من فترة طويلة والأرقام موجودة واليوم أعلى نسبة سعودة في كل القطاعات بالمملكة هي في قطاع السياحة، وسوف يكون من أكبر القطاعات الثلاثة المولدة لفرص العمل وهذا محور اقتصادي يجب ألا ننساه وفرص العمل هي في الواقع التحدي الأكبر الآن، والسياحة ميزتها ان فرص العمل ليست فقط كثيفة ولكنها فرص عمل متاحة لجميع المواطنين المتعلمين وغير المتعلمين، وأشار سموه الى ان الهيئة أنهت دراسة مع البنك الدولي ومنظمة السياحة الدولية واليونسكو وخبراء سعوديين سوف ترفعها الهيئة لمقام خادم الحرمين الشريفين ولمجلس الوزراء عن فرص العمل الصَّغيرة والمتوسطة مثل المجمعة، وأكَّد سموه أننا وجدنا ان السياحة في جميع أنحاء العالم وليس في المملكة فقط هي صناعة التوطين المواطنين في بلادهم والسياحة الوطنية قادمة بشكل كبير، وهذا العام يُعدُّ من أهم الأعوام التي وافقت فيها الدولة على منظومة قرارات منها التمويل، حيث إن شركة الاستثمار والتنمية السياحية تراجع بشكل نهائي وهي شركة قدمناها من عام 2004 قبل شركة أبو ظبي للسياحة، كما ان شركة الضيافة التراثية انطلقت وطلب سيدي خادم الحرمين الشريفين ان يطلع على مشروعاتها وستزور المجمعة وقد يكون لها استثمار كبير في المدينة التراثية، كما ان هناك منظومة قرارات تتعلق بالجمعيات المهنية والممارسين وقطاع الحرف والصناعات التقليدية هذا قطاع كبير جدا، وهو مشروع احتضنته الدولة وسوف يرمي ثقله في المجمعة.
واستذكر سموه زيارة سابقة له للمجمعة قبل سنوات حيث قال: إنني رأيت في تلك الزيارة جملة مكتوبة على أحد الجدران الطينية في البلدة التراثية وهي عبارة (لا يطيح) كتبها أحد أبناء المجمعة المخلصين المحبين لتراثهم وهو الأخ خالد المزيني الذي يُعدُّ نموذجا مشرفا من النماذج الكثيرة في المجمعة، فأعجبت كثيرا بهذه العبارة واعتمدتها مسمى لبرنامج في الهيئة للمحافظة على المباني التراثية. وصورة الجدار هي شعار البرنامج، لذلك الأخ خالد هو نموذج مشرف لأهل المجمعة، وأكَّد سموه انه لا يكفي عمل الهيئة والبلدية بدون شراكة الأهالي والمواطنين والمجتمع المحلي ولابد أن يدرك الشباب والمواطنون أن البلدة التاريخية ثروة لهم ولن تحميها البلدية ولا هيئة السياحة ولا أي حارس ما لم يحمها أهل البلدة أنفسهم ويستشعروا ان المساهمة المتميزة من أهل هذه البلدة واهل المجمعة الكرماء الأوفياء المتفوقين علما وعملا وخلقا، انها لم تأت من فراغ ولا من كتاب ولا من استشاري، بل أتت من تاريخ متعاقب ومن الأجداد الذين يملكون هذه القيم وتوارثها أبناؤهم وبناتهم، ولن يضيع تاريخ هذا المكان بحرص ابنائه عليه فهذا المكان لا تملكه الدولة بل يملكه الجميع.
وأضاف سموه: لذا فإنَّ رسالتي لاهل المجمعة أن يكثروا من زيارة بلدتهم التاريخية ويهمنا ان نتعرف أكثر على سيرة أهل المباني وكيف تعاونوا مع بعضهم وكيف التأم شملهم، وبلادنا اليوم التأم شملها لأننا خرجنا من بيئة أصيلة صحيحة، وعبر تاريخ هذه البلاد خرج الناس من بنية وبيئة متآلفة والتالف لا يكون عبر برنامج تلفزيوني أو محاضرة بل ان تزور هذه المواقع وتسمع عن أهلها.
وردا على سؤال لـ (الجزيرة) عن لماذا لا يتم تخصيص أراضي استثمارية للهيئة في المجمعة؟
قال سموه هذا سؤال مهم وأقول إننا الآن وخلال 30 يوماً بصدد إعداد خطة تطوير كاملة للمجمعة لأنه صدر مؤخرا قرارات متعددة وضمن برنامج البلديات سوف تعمل معنا على تخصيص مواقع للاستثمار الذي يحصلون من خلاله على قروض، لأن اعتماد القروض حل لنا مشاكل كثيرة.