د. فهد صالح عبدالله السلطان
لعل أكثر القطاعات صعوبة في مواجهة التحديات الاقتصادية الحالية هو قطاع المقاولات وخاصة المتعلقة بقطاع الإنشاءات فهو أسرعها تأثرا بتقلبات الاقتصاد وتراجع مخصصات الميزانية. وقد لاحظ المتابعون كيف أن المقاولين في المملكة واجهوا عدة تقلبات مفاجئة خلال الثلاثة عقود الأخيرة ربما بسبب تقلب أسعار النفط. ولعلي هنا أطرح بعض الرؤى التي تساعد بعضهم على مواجهة تحديات الفترة والخروج منها بأقل الخسائر بل ربما في تحويل التحديات الى فرص على نظرية « الفرص تولد من رحم الأزمات».
توضح التقارير الاقتصادية أن المملكة ما زالت في المقدمة على مستوى حجم ونوع مشاريع البنى التحتية، ويبدو ان عقود مشاريع البنى التحتية الحكومية التي تم تنفيذها منذ العام 2008 قد تجاوزت 500 مليار دولار. هذا فضلا عن المشاريع الإنشائية التي تم تنفيذها من قبل القطاع الخاص خلال السنوات الماضية.
هذه المشاريع التي تم تنفيذها تمثل فرصة كبيرة لنشاط التشغيل والصيانة وهي فرصة للمقاولين الذين يواجهون معضلة تراجع طرح المشاريع الجديدة. ومن المعلوم أن هناك تقاربا نوعيا بين نشاطي الإنشاءات والصيانة وبالتالي فإن التحول من نشاط إلى آخر لن يكلف الكثير بل ربما يعزز من فرص النجاح والإفادة من تراكم الخبرة.
التحول إلى نشاط آخر من شأنه أن يخفف من ألم التحديات التجارية ويساعد على البقاء لقطف ثمار المستقبل وهو الذي يجب أن يهدف اليه المقاولون. هناك فرص كبيرة واعدة للمقاولين في قادم الأيام وربما في المستقبل القريب. الأحداث التي تجري في الشرق الأوسط توجد لدى المتابع تفاؤلا بمستقبل أكثر إشراقا لمستقبل المقاولين لسبب واضح وهو حجم الدمار الذي خلفته وتخلفه الصراعات في المنطقة الذي سيتطلب إعادة إعمار جذري وكبير.. يشمل سوريا واليمن والعراق وليبيا....الخ بشكل يفيض ربما عن قدرة المقاولين في المنطقة.
وفي ظل هذه المعطيات فإنني أقترح على شركات المقاولات اتخاذ مايلي:
1- التفكير بشكل جاد في الدخول إلى نشاط مشابه وقريب من نشاط المقاولات وخاصة الصيانة والتشغيل.
2- العمل على ترشيد النفقات كل ما أمكن أملا في تعزيز قدراته على الاستمرار والبقاء.ولعل من أفضل الوسائل في هذا السياق هو التوقف تماما عن عمل الأشياء المكلفة أو التي لا تضيف قيمة تذكر وهو ما سماه جيم كولين قائمة الإهمال. حيث وجد هذا الباحث وفريقه بعد خمس سنوات من البحث أن المديرين الناجحين لم يكن تركيزهم على (ما لذي يجب أن نفعله) بل (ما لذي يجب أن نهمله not to do list ).
3- استثمار وقت الركود والنشاط الاقتصادي في إعادة ترتيب الأوراق وإعادة هيكلة منشأته بطريقة تساعد على رفع مستوى الجودة وسرعة الأداء وتقليل التكاليف.
4- العمل على التحالف مع شركات أخرى في ذات المجال أوفي المجالات ذات العلاقة لتعزيز القدرات الفنية والإدارية وتبادل الخبرات وتقليل تكاليف التشغيل.
5- قراءة مستقبل القطاع (قطاع الإنشاءات) من منظور إقليمي والتهيؤ المهني والنفسي للفرص الواعدة فيه ومتطلباتها.
وباختصار فإن كل ما هو مطلوب من المقاول هو أن ينظر إلى الطرف الآخر من الحديقة ويتحلى بشيء من الصبر والتفاؤل لأن الأحداث التي تجري في المنطقة ستفضي الى فرص كبيرة جدا لقطاع المقاولات والإنشاءات والقطاعات الإنتاجية ذات العلاقة.
وفق الله الجميع لما يحب ويرضى.