جاسر عبدالعزيز الجاسر
لا أعرف سبب تعنت بوتين رئيس الاتحاد الروسي على الوقوف في خندق واحد مع نظام بشار الأسد، وإذ كان معروفاً سبب تخندق ملالي إيراني والمليشيات الطائفية، ومشخّص بأنهم يدعمون نظاماً طائفياً يسهل لهم استعباد السوريين وتفريغ سوريا من أجل توطين الطائفيين الذين يستقدمونهم من إيران وأفغانستان والعراق، ودعمهم لبشار الأسد وحكمه الطائفي منذ أيام أبيه حافظ الأسد يتفق مع أطماعهم العنصرية والمذهبية إذ لا يخفون أنهم يعملون على مد إمبراطوريتهم العنصرية من هضبة فارس إلى سواحل البحر الأبيض المتوسط مروراً بالعراق، ولهذا فإن ملالي إيران لا يخجلون من القول والتأكيد على أنهم «يستثمرون» في نظام بشار الأسد وأنهم يعدون الحفاظ على بقاء هذا النظام جزءاً هاماً من الحفاظ على نظامهم، فالحكم الطائفي يعدونه بجناحين أحدهما في سوريا والآخر في فارس، وهذا معروف، وملالي إيران وحلفاؤهم لا يخفونه وهو من الناحية التحليلية «مبرر» رغم عدم القبول به.
أما الروس وكبيرهم بوتين فلا معنى البتة في دعمه ووقوفه لنظام مهترٍ ومنبوذ من شعبه في المحيط الإقليمي والدولي، فالروس الذين فقدوا كثيراً من تقدير واحترام الدول العربية وأهلها جراء مساعدتهم لبقاء حكم عائلة الأسد، وهو ما أدى إلى فقدان روسيا كثيراً من مصالحها وما تبقى من نفوذها إذ لم يتبق لها سوى علاقاتها مع نظام بشار الأسد والنظام الطائفي الآخر ملالي إيران، أما ما تبقى في المنطقة فدولها تأخذ على الروس «تحالفهم» غير المفهوم مع الطائفيين في طهران ودمشق وكأنه تحالف أرثوذسكي - صفوي» تحالف مغلف بأيدلوجية مذهبية عنصرية لا تتوافق مع الثقافة الروسية التي تنبذ الغيبية والتخلف الطائفي، ومع أن الفرصة بل العديد من الفرص قد أتيحت لروسيا وخاصة في عهد بوتين لبناء علاقات سياسية واقتصادية مع الكثير من الدول العربية وبالذات الدول الخليجية إلا أن علاقاته التحالفية مع ملالي إيران قد ضيعت هذه الفرص على روسيا التي خسرت كثيراً بانحيازها إلى جانب الطائفيين في طهران ودمشق وهو ما أكسبها ليس فقط تقليل تقدير الدول العربية فقط بل وحتى كراهية النصيب الأكبر من العرب الذين كانوا في النصف من القرن العشرين ينظرون إلى روسيا بكثير من التقدير والاحترام، بل وحتى الحب مقدمين الروس على غيرهم.
اليوم جعل بوتين كثيراً من العرب ينفر من سماع اسم روسيا بسبب قيامه بحماية الحكام المستبدين في إيران وسوريا، ومن أجل هذه «الملحمة» القذرة تقوم قواته وطائراته بالمشاركة في قتل السوريين وآخرها قصف عدد من المدن والقرى السورية في إدلب بالقنابل الفسفورية وهو ما يعيد للذاكرة العربية والإسلامية ما قامت به القوات الروسية في أفغانستان فيما كانت روسيا كبيرة الاتحاد السوفياتي المنحل.
اليوم بوتين يكرر أخطاء الاتحاد السوفياتي وإذ ساهم طرد القوات السوفياتية في أفغانستان في تفكك الاتحاد السوفياتي فإن تورط بوتين وروسيا في قتل السوريين والتحالف مع الطائفين سيعجل في تفكك الاتحاد الروسي.