مها محمد الشريف
القدية. المفردة المحلية.. والاسم الذي يدخل اليوم عالم الإعلام ودنيا الأعمال.. ويتحول من واجهة جبلية وأودية سحيقة عصية على التعامل البشري إلى حكاية ترفيه عصرية وتجارة تحدث تحولاً كبيرا باقتصاد وتوجه الاستثمارات بمدينة الرياض، وتمثل في الوقت ذاته مشهداً حديثاً يتماشى مع التركيز على تطوير قطاع الخدمات في نشاطات السياحة والترفيه التي مازالت دون المستوى من حيث تلبية احتياجات المجتمع وتطلعاته الحضارية التي تعكسها بوضوح أرقام السياحة الخارجية سنوياً، والتي يضخ جزء منها في زيارة المدن الترفيهية بالدول المجاورة أو المدن العالمية في أنحاء مختلفة من بلدان العالم..
والترفيه صناعة متكاملة تضيف الكثير للناتج المحلي للدول التي تهتم به بهذا المستوى وقد حولت بعض المدن الترفيهية في العالم إلى مناطق اقتصادية كبيرة وارتفع عدد زوارها، وزادت فيها فرص العمل والوظائف الجديدة ناهيك عن استثمارات المشاريع الصغيرة والمتوسطة.. - وهو المأمول من مشروع القدية -
السياحة والترفيه لم تعد من الكماليات خصوصا بالمدن الكبيرة كمدينة الرياض حيث ستصبح «القدية «معلماً حضارياً بارزاً في هذه العاصمة العالمية ومركزاً مهماً لتلبية رغبات واحتياجات جيل المستقبل، ثم هذه المدن الترفيهية والثقافية والاجتماعية في المملكة تتزامن مع انطلاقة المشروع عام 2022م، و تشكل فيه قفزة استثمارية هائلة سيحققها صندوق الاستثمارات العامة -المستثمر الرئيس للمشروع- ووجاهة هذا الاختيار الذي سيعتلي هرم الصناديق السيادية في العالم مع اكتمال تملكه «أرامكو»، لتصل قيمته إلى تريليوني دولار. وهذا ما يؤول من الناحية الاقتصادية وما يقتضيه الوعي بخصائص هذه الخطوة الهامة.
ونستدعي هنا ماأشار إليه ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان أن «هذا المشروع الرائد والأكثر طموحاً في المملكة يأتي ضمن الخطط الهادفة إلى دعم (رؤية السعودية 2030) بابتكار استثمارات نوعية ومتميزة داخل المملكة تصب في خدمة الوطن والمواطن، وتسهم في تنويع مصادر الدخل الوطني، ودفع مسيرة الاقتصاد السعودي، وإيجاد المزيد من الفرص الوظيفية للشباب».
ثم إن صندوق الاستثمارات العامة، الذي يترأس ولي ولي العهد مجلس إدارته، هو المستثمر الرئيس في المشروع، إلى جانب مجموعة من كبار المستثمرين المحليين والعالميين، مما يدعم مكانة المملكة كمركز عالمي مهم في جذب الاستثمارات الخارجية..
وبمزيد من الاهتمام والمتابعة المتوقعة لمشروع «القدية» سيحدث المشروع في الرياض تحديداً تحولا جذريا باقتصاد هذه المدينة وستضيف القدية عشرات المليارات، وتنعكس إيجابا على نشاطات اقتصادية كبيرة وستولد آلاف الفرص الوظيفية لأبناء العاصمة بل سيكون لها انعكاس إيجابي كبير على رفاهية مجتمع الرياض ونشاطاته الثقافية والرياضية ، وستغير كثيرا في مفهوم الترفيه على مستوى المملكة.. والمأمول بأن نرى مستقبلاً مدناً مشابهة لها بمناطق المملكة الكبرى.
وبهذا النوع من المشروعات العملاقة سيجد المجتمع السعودي نفسه أمام عجلة التقدم والتطور التكنولوجي في العالم وعلى النحو الذي تشهده جميع الدول اليوم. وليس له بدٌ من أن يكون قادرًا كتلك المجتمعات التي بعضها قريب منه على مواكبة المتغيرات والتطورات وتجاوز العوائق، و الجدية في تعزيز التعاون والسيطرة على الانعكاسات وتبعات مثل هذه الاقتصاديات الأكثر نفوذا في العالم.
وهذا يستدعي تسويقًا وعملاً إعلاميًا احترافياً ومتواصلًا ، يتخطى المحلية إلى عيون العالم في كل مكان ويتحمل مسؤولية الحاضر ورؤية المستقبل ويسهم في تنظيم الانتقال من ذهنية الرغبة إلى ذهنية التنفيذ بما يتوافق والعصر الحديث، فالتغيير المجتمعي يتطلب هذا التطور وبعقلية تجاوز مرحلة الآمال إلى الوقوف على أرض الواقع والمقارنة بما أنجزته الدول التي تزدهر فيها الخطط الاستثمارية.