د.علي القرني
الضربة الجوية التي وجهها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لمطار بشار الأسد الذي انطلقت منه طائرة تحمل متفجرات كيماوية وألقاها على المدنيين من الأطفال والنساء وغيرهم، كانت درساً مفاجئاً لنظام بشار ومعه زمرته من مجرمي الحرب من روسيا وإيران وحزب الله. كانت فعلاً مفاجأة كبيرة للنظام السوري ولهذه الأنظمة التي شاركت في قتل المدنيين وأجهزت على أكثر من نصف مليون سوري منذ اندلاع الحرب.
كان الرئيس الأمريكي يحتاج إلى موقف وسياق حتى يبين سياسته الخارجية بوضوح تجاه العالم، وخاصة تجاه أهم قضية ساخنة في العالم، وهي القضية السورية. وانتهز هذه الفرصة التي كانت تشكل قضية رأي عام عالمي وهم يرون الأطفال تحت حريق الكيماوي يصرخون ويستنجدون. ولا شك أن نظام بشار الأسد كان يريد أن يختبر الإدارة الأمريكية الجديدة، وفعلاً تحقق هذا الاختبار بعكس ما كان يتوقع النظام مع الموالين له في القتل والتدمير من أعوانه في الكرملن وقم والضاحية الجنوبية.
تحقق أول اختبار لإدارة الرئيس الجديد دونالد ترامب وكان حاسماً بكل المقاييس وفعلاً أدهش العالم بقوة رده وسرعته وفاعليته رغم التعقيدات التي تحيط بالمسألة السورية. ولو كانت إدارة الرئيس باراك أوباما موجودة لكانت ردة فعلها هو إرسال جون كيري وزير خارجيته إلى موسكو للقاء نظيره الروسي للتباحث في لا شيء، مجرد ذر الرماد في العيون.. ولكن نست أنظمة الحرب ان الإدراة الأمريكية قد تغيرت.
واجتماع فريق القتل والتدمير: إيران وروسيا وحزب الله وبيانهم الذي أشاروا فيه إلى أنهم سيستمرون في دعم نظام بشار يعكس حقيقة التضليل الذي تحاوله هذه الطغمة في الموضوع السوري، ويعكس استمرار دعمهم وإصرارهم على المشاركة في القتل والتدمير وسفك الدم السوري دعماً للنظام حتى آخر قطرة دم سورية.
صحيح أن ردة ترامب قد فاجأت النظام السوري، ولكن رده فاجأ أكثر الكرملن وسيد روسيا الأول فلاديمير بوتن، ووضعه في مأزق كبير جداً، ولا يعرف كيف يتصرف سوى بردات فعل متناقضة ولم تكون حتى الآن منطقاً مناسباً ومتجانساً للرد. لقد اكتشفت روسيا أن ترامب سيكون مختلفاً بكل المقاييس عن سابقه باراك أوباما، ولهذا فلربما يتمنى بوتن الآن لو أن ترامب لم يفز أبداً في الانتخابات الأمريكية.
وما عقد المسألة كثيراً هو تصريحات متواصلة من الإدارة الأمريكية تفيد أن هذه الضربة لن تكون الأخيرة إذا استمر نظام بشار في ضرب المدنيين بالكيماوي، وزاد الذعر أكثر أجهزة النظام السوري والزمرة الدموية في سوريا ما تم تناقله أن دونالد ترامب يعتبر البراميل المتفجرة سبباً كافياً في إمكانية ضربات جوية جديدة.
ومن المؤكد الآن أن روسيا وخلفها إيران ستفكر جيداً قبل أن تعطي الإذن لبشار الأسد أن يضرب المدنيين من مواطنينه، وربما سيكون اختبار آخر يتم من خلاله جس نبض إرادة الرئيس الأمريكي ترامب على خلفية مستويات أخرى من القتل للمدنيين، لمعرفة عمق وقوة القرار الأمريكي. ولكن المؤكد أن الأسابيع المقبلة ستشهد مناورات سياسية لعودة الأطراف إلى طاولة المفاوضات لتقرير نهاية للمشكلة السورية.
وسيبقى مصير بشار الأسد هو المحك الحقيقي لمثل هذه المفاوضات، وإذا أصرت الإدارة الأمريكية بدعم من المجتمع الأوروبي تندد ببشار الأسد وتراه عقبة أمام حل سلمي في سوريا، وأنه المسؤول الأول عن ما آلت إليه الأوضاع الدموية في بلاده، فإن المسار السياسي لبشار سيكون تحت نقاش واتفاق على رحيله حتى من أقرب المقربين له وهي روسيا، وهذا ما نتمنى أن تتجه إليه الأحداث المقبلة.