د. خيرية السقاف
تجارة بيع الحيوان, والطير, والسمك, والزواحف, والحشرات بأنواعها تجارة استثنائية..
من يرتاد محلاً يختص بها لشراء طعام لقطة هاربة, أو عصفور ضال, أو سمكة عبث بصيدها لاهٍ ربما يكون له المبرر لاقتناء هذه المخلوقات حماية لها من أن تنفق جائعة أو مريضة وإن كان في البيوت ما يقيم أودها..
لكن أن يصبح الطير, والزاحف, والسابح, والقطط والكلاب, بل الحيوان المفترس, والزواحف السامة, والمخاليق المختلفة, تجارة ويقبل عليها المشترون, ويقع في مغبة التمتع بها الموسِرون, فتلك مجازفة في ظني بكثير من القيم, وتشويه لأجمل صور النفس, وإن كان الدافع إليها له جانب آخر جميل يبقي على ركن قويم في النفس وهو حماية هذه المخاليق من عبث الصياد, والسجان, والمتاجر بها!!
مع أن هناك إقبالاً بالفطرة الشفيفة في نفوس عدد كبير ممن نعرف, ومن نقرأ عنهم, ومن يهدوننا إليهم من الرجال والنساء في وطننا الذين لا يزالون على قوامهم السلوكي لم يتهالك جراء إيقاع الزمن الراهن, هذا المتبدل في كل شيء, هؤلاء الذين يفتحون بيوتهم, ويسخّرون وقتهم, ويبذلون مالهم, يجتمعون على الرفق بهذه الكائنات يإيوائها عن الشارع, ومن الضلالة, ومن الجوع, ومن تهور السائقين, ومن عنف القساة المستهترين, هؤلاء وحدهم يحق لهم مرافقة هذه الكائنات الطيبة..
إن وجود مراكز لمعالجة هذه الكائنات في كون الله حين تمرض, أو تصاب, من موجبات تمام تركيبة بنية المجتمعات الناجحة, ولا ضير في التعامل معها عند الحاجة, لكن أن تتحول محلات بيعها إلى تنافسية في الأسعار, وتمكين من الترفيه بها فيه ما يوجع النفس, ويدور بالفكر, ويعظِّم الإحساس بالألم من أجلها, وبالشفقة بالصغار الذين لا يفرقون بين اقتناء نوع منها شراء بأي سعر للتسلية, وبين حمايتها ضالة أو ساقطة, أو مصابة للرأفة والحماية بلا مقابل..
ألوف تصرف للاقتناء في غير اتجاه نظيرها للرأفة والعناية والاحتواء..
ما أعجب البشر ظاهره إنسان, وباطنه تتناوبه النزعات باختلافها..