محمد سليمان العنقري
خلال استضافة غرفة تجارة الشرقية لمعالي وزير المالية الأستاذ محمد الجدعان قال «إنه لن يتم فرض ضريبة الأرباح على الشركات السعودية ولا ضريبة على دخل المواطن ولن يتم رفع نسبة القيمة المضافة أكثر من 5 في المائة حتى 2020م»، وذلك بحسب ما نقلته وسائل الإعلام كما تناول بحديثه أيضا بعض النقاط الأساسية المرتبطة بتطلعات دور القطاع الخاص المأمول بالناتج المحلي حتى تتحقق أهداف رؤية 2030 حيث قال: أيضا إنه لا بد من أن تكون معدلات النمو للقطاع الخاص غير النفطي بنسبة 8.5 في المائة سنويًا، وزيادة الناتج المحلي الإجمالي للقطاع نفسه بنحو 1.6 تريليون ريال.
إن أول سؤال سيتبادر لذهن العموم ماذا بعد 2020 هل ستُقر ضرائب أرباح على الشركات أو ضرائب دخل على الأفراد وهل سترتفع نسبة ضريبة القيمة المضافة؟ فالجواب على هذا السؤال له أهمية كبرى كي يتمكن كل طرف ممن تم ذكرهم الشركات والأفراد لمعرفة المرحلة المقبلة بعد الانتهاء من برنامج التحول 2020م فمعالي الوزير وعد بعدم فرضها إلى مدة محددة لكن لم يتطرق لما بعدها ولذلك تأثير كبير على حسابات المستثمرين وجدوى المشروعات القائمة والقادمة وكيفية الأخذ بالحسبان أي تعديل بعد هذه المدة بالسياسات الضريبية، فالمملكة لا تفرض تلك الضرائب بالأساس ولا تدخل بحسابات دراسات الجدوى وكذلك التحليلات الاقتصادية لتأثير دور الفرد بالاقتصاد أيضاً فلو كانت موجودة وتم تجميدها أو تقليصها خلال هذه الفترة التي تشهد نمواً بطيئاً بالاقتصاد فسيفهم أنها سياسات تحفيزية لرفع وتيرة النمو والتخلص من الركود الاقتصادي كما تتبعها الكثير من الدول التي تفرض تلك الضرائب لكن باقتصادنا هي غير موجودة فلذلك لا تعد عاملاً
«محفزاً» لإعادة الزخم لنمو الاقتصاد وتحسينه بينما تحديد مدة لعدم تطبيقها كما يمكن أن يقرأ عندما نقل عنه أن ذكر تاريخ محدد ليس بالبعيد يعطي انطباعاً بأن إمكانية القيام بتغيير بسياسات الضرائب وارد مما سيكون له بالتأكيد تأثير بالغ بإعادة النظر بجدوى المشروعات الاستثمارية التي يتم العمل على استقطابها أو القائمة وسيدخل القطاع الخاص بإعادة حساباته للمرحلة المقبلة بالكثير من عملياته التشغيلية وكذلك توسعاته المخطط لها أما المستثمر الجديد فهو مضطر لإعادة حساب الجدوى الاقتصادية والتغير بالتكاليف القادم من احتمال تغيير بالضرائب بعد التاريخ المذكور، ويضاف لذلك ضريبة القيمة المضافة وتأثيراتها على تنافسية القطاع الخاص بالسوق المحلية وكذلك التصدير.
أما الأفراد سيكون لهم أسئلة كثيرة حول المرحلة بعد ذلك التاريخ سواء فيما يتعلق بأي تغيير بسياسات الضرائب أو تأثير رفع نسبة ضريبة القيمة المضافة وتأثيراتها على ارتفاع تكاليف المعيشة عليهم، فدخل الفرد سيدعم وفق برنامج حساب المواطن لكن هل سيكون ذلك كافياً لدعم القوة الاستهلاكية للأسر والأفراد بالاقتصاد؟ خصوصاً بعد أن يتم رفع الدعم وتحرير الأسعار وما سينعكس به ذلك من ارتفاع على تكاليف المعيشة، خصوصاً بالسلع والخدمات وليس فقط بالكهرباء والمياه والوقود فقوة الاقتصاديات وجاذبية الاستثمار لها أحد أهم مقاييسها القوة الاستهلاكية والادخارية والاستثمارية وللفرد، فالصين رغم نموها الجامح لعقود عدة تواجه تحدياً اليوم برفع تأثير المستهلك ليعوض تأثير تراجع نمو الاقتصاد العالمي عليها بانخفاض الصادرات وتنافسية دول عدة بدأت تأكل من حصص الصين بالتجارة البينية الدولية من دول شرق آسيا تحديداً، ولذلك تسابق الصين الزمن لرفع تأثير الفرد بنموها الاقتصادي، فالتنبه لدور الفرد وإبقائه بنفس القوة التي كان عليها لسنوات مع رفعها تدريجياً بخطط تحفيزية لزيادة دخل الفرد سيكون عاملاً رئيسياً بجذب الاستثمارات للاقتصاد الوطني وزيادة الإنتاج وتقليل الواردات بالإضافة لدعم التنمية عبر برامج الادخار والاستثمار لدعم مبادرات تنموية عدة من بينها الادخار السكني الذي لن يكون فاعلاً مع تراجع قدرة الفرد على الادخار بسبب ارتفاع تكاليف المعيشة.
أما ما يتعلق بأهمية تحقيق القطاع الخاص لنمو بالمتوسط يصل إلى 8.5 في المائة سنوياً لإضافة نحو 1.6 تريليون ريال للناتج المحلي، فهذا يعني أن على القطاع الخاص إضافة 114 مليار ريال للناتج المحلي كمتوسط نمو حتى 2030م، ومن الناحية النظرية لا يعد ذلك مستحيلاً أو صعب المنال والجانب الإيجابي أن ما نقل عن الوزير يدلل على أن ذلك هدف؛ أي أن الخطط لتحقيقه موجودة ومن بينها حزم التحفيز للقطاع الخاص المذكورة ببرنامج التوازن المالي والمقدرة بنحو 200 مليار ريال، لكن هل يمكن للقطاع الخاص بعد أن وصل نموه العام الماضي إلى 0.11 في المائة أي أنه ركود قاسي في حين كان يحقق لعدة أعوام معدلات نمو تفوق بالمتوسط 5 في المائة فكيف سيتمكن من تجاوز تراجع الإنفاق الحكومي على المشروعات مع ارتفاع قادم بالتكاليف خلال الأعوام الأربعة المقبلة فلا يمكن الانتقال لمعدلات نمو جيدة للقطاع الخاص إلا بحزم تحفيز استثنائية بحجمها وتوجهاتها مع الانتقال التدريجي لتحريك النمو البعيد عن الإنفاق الحكومي والنظر بسياسات رفع الدعم ومدى قدرة كل نشاط على تحملها فخطط دعم النمو يفترض أن تسبق أو تتزامن مع التغيرات الهيكلية بالاقتصاد من حيث برامج الدعم وما تؤثر به على التكاليف وكذلك استهلاك الفرد وتكلفة المعيشة.
أما ما نقل عن معالي الوزير من حديثه عن الإفلاس وأنظمته فالجميع متفق على ضرورة وجود نظام للإفلاس، فالمملكة تأثر ترتيبها سلباً ولم يتقدم بالمستوى المأمول بمؤشر سهولة الأعمال الذي يصدر عن البنك الدولي بسبب عوامل عدة أبرزها عدم وجود نظام للإفلاس الذي ينتظر صدوره هذا العام، لكن أيضا لا يعد إفلاس أي منشأة بالقطاع الخاص أمراً مقبولاً أو طبيعياً حتى تراجع النمو الاقتصادي والمقصود ألا يكون هناك اعتبار بأن ذلك كحالة مصاحبة لمرحلة تصحيح الدورة الاقتصادية مقبولاً ويجب التعاطي معه برضا بل هو مؤشر سلبي ويفترض أن تضع الجهات المعنية كوزارتي الاقتصاد والتخطيط والتجارة والاستثمار خططاً لامتصاص الآثار السلبية لتراجع النمو الاقتصادي على قطاع الأعمال فالإفلاس يعني خسائر اقتصادية عديدة من أبرزها ارتفاع معدلات البطالة وهو ما ظهر بآخر إحصاء حيث بلغت 12.3 في المائة حسب هيئة الإحصاء مرتفعاً من معدلات 11.6 في المائة خلال العام الماضي فبقدر أهمية نظام الإفلاس وحمايته للمنشآت والأطراف الدائنة مما يعزز الثقة بالاقتصاد والأسواق إلا أن ما نفقده من منشآت بسبب الإفلاس سيترتب عليه خسائر وتأثيرات تحد من الأهداف المتوقعة لدور القطاع الخاص بالنمو المستهدف له حتى 2030.
رسم السياسات وما ذكره وزير المالية عن أنها ستكون مستقرة أي واضحة يعد عاملاً إيجابياً للمستثمرين لكن سيحتاج لتفصيلات توضح أركان وتفاصيل هذه السياسات وجدولها الزمني وتجيب عن الأسئلة المستقبلية ما بعد نهاية تنفيذ برنامج التحول الوطني وكيف ستكون الصورة للاقتصاد الوطني ودور كل الأطراف فيه، وكذلك مدى تجانس خطط التحفيز مع خطط رفع التكاليف التي لا تعطي انطباعاً واضحاً حول كيفية بناء قطاع خاص قوي ومعالجة للبطالة ورفع لدخل الفرد حسب المعايير الاقتصادية الإيجابية التي تربط الإنتاجية بالدخل.