جاسر عبدالعزيز الجاسر
بدأت أمس الثلاثاء عملية تسجيل المرشحين للانتخابات الرئاسة في إيران، طبعاً لا يمكن أن يتقدم للترشيح سوى ملالي النظام الذين لا بد وأن يكونوا من الملتزمين بنظرية ولاية الفقيه، وأن يكونوا من معتنقي المذهب الاثني عشري، وأن يحظوا بموافقة مرشد الثورة الإيرانية علي خامنئي وبعد ذلك يوافق عليهم مجلس تشخيص النظام، وفوق كل هذا لا بد وأن يكون المرشح قد تسلم وأدار مؤسسات ومهام رسمية عليا في الدولة.
كل هذه الاشتراطات تحصر المنافسين على الدائرة الخاصة بملالي إيران، ومع كل هذه الشروط العنصرية التي تستبعد أبناء القوميات والمذاهب الأخرى في إيران؛ إذ لا يمكن أن يترشح عربي أو كردي أو بلوشي، وألا يكون سنيا، ومع هذا لا أحد يتحدث عن هذه العنصرية، فيما يتبجح مؤيدو الملالي بأن ملاليهم وحدهم من يطبق الديمقراطية، ديمقراطية تحصر التنافس بين ملاليهم ووفق شروط صارمة.
انتخابات هذا العام تقدم لها مرشحون جميعهم من الملالي (المشهود لهم بالولاء لولي الفقيه وإيذاء الإيرانيين من جميع المذاهب والقوميات)، إلا أن المحللين يؤكدون أن من ستنحصر المنافسة بينهما هما الملا الرئيس الحالي حسن روحاني والملا الآخر إبراهيم رئيس الذي يعتبره الإيرانيون جميعاً جلاد إيران الذي فاقت أحكام الإعدام التي أصدرها بحق الإيرانيين ما أصدره الجلاد الآخر الملا خلخالي.
هذان اللذان سيخوضان الانتخابات كلاهما تلطخت يداه بدماء الإيرانيين.
ويعجب الإيرانيون من إطلاق وصف (الإصلاحي والمعتدل) على حسن روحاني؛ فسجل روحاني بصفته مصدراً أمنياً شارك في كل قرارات النظام منذ تأسيسه حسب قوله، يتلخص في قمع منتسبي الجيش الوطنيين، وفي قمع النساء بذريعة سوء الحجاب والسفور، وفي إثارة الحروب ودفع الأطفال والمراهقين إلى ميادين الألغام، وفي قمع الطلاب الجامعيين في انتفاضة طلابية في العام 1999، وفي تنفيذ المشروعات النووية السرية، وتضليل المجتمع الدولي.
كما أن هذا السجل وبعد أربع سنوات من ولايته مليء بـ3000 حالة إعدام (حيث يصفها حكم القانون وأوامر إلهية)، وتفشي الفقر العام، وتعطيل قطاعات واسعة في الاقتصاد الإيراني، وتخصيص إمكانات البلاد للتدخلات في شؤون الآخرين، خاصة في قتل وإبادة الشعوب في سوريا والعراق واليمن.
وأما رئيسي فهو الآخر فقد كان منذ بداية حكم الملالي صاحب مناصب في السلطة القضائية التي هي آلة قمع وقتل للشعب الإيراني. إنه قد عمل في مناصب المحقق العدلي والنيابة العامة في محافظات مختلفة ونيابة الادعاء العام في طهران ونفذ أعمال القتل والإعدامات البشعة طالت مجاميع وأفراد عدة. كما أنه كان أحد أعضاء لجنة الموت التي أبادت خلال عدة أشهر في عام 1988 وبشكل غير رحيم 30 ألفاً من السجناء السياسيين.
إضافة إلى ذلك فقد كلف خميني يوم 1 يناير 1989 وفي حكم رسمي كلاً من الملا رئيسي والملا نيّري (عضوين في لجنة الموت) «بالنظر في التقارير المرفوعة من مدن «سمنان» و»سيرجان» و»إسلام آباد» و»درود» وتنفيذ سريع ودقيق لما هو حكم إلهي في الحالات المذكورة بعيداً عن التعقيدات الإدارية».
كما كتب خميني في 21 يناير 1989 وفي حكم آخر: «ضعوا كامل الملفات التي بقيت راكدة بكل استغراب في ذلك المجلس (مجلس القضاء الأعلى) وتأخّر تنفيذ الحكم الإلهي تحت تصرف حجج الإسلام السيدين نيّري ورئيسي لكي ينفذا في أسرع وقت الحكم الإلهي حيث لا يجوز التأخير». كما أجاب خميني رداً على سؤال مكتوب كان قد وجهه رئيسي ونيري هل هذا الحكم يشمل (قصاص النفس) قائلاً في 22 يناير مباشرة: «ما كلفتكم به للنظر في الملفات التي بقيت راكدة في مجلس القضاء الأعلى وتنفيذ الحالات، يشمل الحدود والقصاص». وهكذا قد بدأت ماكينة الإعدامات بالعمل بشدة ووتيرة أعلى.
وبعد خميني، عيّن خامنئي، رئيسي في أعلى مناصب قضائية مثل النيابة العامة في طهران ومنظمة التفتيش العام للبلاد ونيابة السلطة القضائية والادعاء العام لمحكمة خاصة لرجال الدين والادعاء العام للبلاد.. وأخيراً عيّنه لسدانة الروضة الرضوية التي هي أقدم مركز سياسي واقتصادي في إيران وهي توفّر قسماً ملفتاً من تمويل تصدير الإرهاب والتطرف.