عماد المديفر
«ما حدث في سوريا عار على جبين الإنسانية، وهو -أي بشار الأسد- موجود هناك، وأعتقد أنه يدير الأمور، ولذا يجب أن يحدث شيء».. كان هذا رد الفعل الرسمي الأول لفخامة الرئيس الأميركي دونالد ترمب ومن على طائرته الرئاسية في الأجواء الأميركية - وهو في طريقه للقاء الرئيس الصيني- تجاه مجزرة المجرم «بشار الكيماوي» الأخيرة في خان شيخون والتي راح ضحيتها ما يربو عن المائة وعشرين مواطناً مدنياً سورياً وأكثر من 400 مصاب، وليشكل الأطفال والنساء والشيوخ الغالبية العظمى من هؤلاء القتلى والمصابين.. إذ كانوا يلتمسون النجاة في اختبائهم من ضربات البراميل المتفجرة في الأقبية والملاجئ تحت الأرض لينجوا بأرواحهم، فإذا بغازات المجرم بشار الكيماوية السامة تتسرب إليهم داخل ملاجئهم وليكونوا العدد الأكبر من ضحاياه كما أراد وخطط هذا العميل الإرهابي الطائفي الذي تفنن بكل سادية ووحشية في تقتيل وتعذيب وتهجير الشعب السوري على الهوية.. أقول: كان هذا هو رد الفعل الأول للرئيس الأميركي دونالد ترمب.. وحيث انتظر فخامته ريثما تعقد جلسة مجلس الأمن الطارئة بعيد تصريحه هذا بسويعات ليرى ما إن كان من بوادر أمل في أن تعيد روسيا حسابتها في دعمها لهذا المجرم السفّاح، خاصة وأن العالم كله أصبح يراها إذا ما استمرت على نهجها؛ شريكاً للأسد في جرائمه ضد الإنسانية، إلا أن نتائج الجلسة لم تأت بجديد،فمع التعنت الروسي، واستمرار مندوب نظام الأسد بسوق الكذب والهراء والاستخفاف بالمجتمع الدولي.. كانت الجلسة مجرد مواصلة للتنديدات، والشعور بالصدمة من الصور والمشاهد القاسية التي سلطت الضوء على جزء محدود من المجزرة الكيماوية،و التي لم تكن هي الأخرى الأولى بل الأربعين.. منذ خطوط «أوباما» الحمراء.. فقط «شجب» و»استنكار» و»شعور بالصدمة» وترديد مقولة أنه «ينبغي فعل شيء ما ضد مجرم الحرب».. ما تسبب في حالة إحباط لدى الشارع السوري الذي وصل لقناعة بأنه لا جدوى من هذه الجلسات التي وفِي نهاية الأمر يتمخض عنها ليس فقط استمرار بقاء الأسد.. بل يتعزز موقفه وقوته على أشلاء وجثث الأطفال والنساء والشيوخ.. إلا أنه وبخلاف إدارة الرئيس الضعيف «أوباما» المترددة؛ كان فخامة الرئيس ترمب عند وعده.. وأنه إن قال.. فعل.. إذ لم تمض سويعات على جلسة مجلس الأمن التي لم تفض لشيء.. إلا وأمر فخامته بإمطار قاعدة الشعيرات الجوية -التي انطلقت منها الطائرات التي قصفت خان شيخونالكيماوي- بستين صاروخاً عابراً بأقل من خمس دقائق فقط..في عملية نوعية محددة ومحدودة.. لكنها دون شك قوية وصادمة.. وذات دلالات كبرى.
وبخلاف أيضاً ما يدعيه العديد من المحللين الدوليين غير الموضوعين بأن فخامته ربما يكون قد «استعجل» بالضربة؛ فإنه في الواقع لم يستعجل مطلقاً.. بل تريث بكل حكمة وحنكة سياسية، مفسحاً المجال لانتهاء أعمال جلسة مجلس الأمن الطارئة تلك، حتى شاهد العالم بأسره عجز منظمة الأمم المتحدة عن فعل شيء تجاه هذه المذبحة البشعة خلا «الشجب» والتنديد» و»الشعور بالصدمة» دون أن تحرك ساكنا على الأرض، وهو رد الفعل الذي استمر طيلة الست سنوات الماضية.. ثم ومع اتخاذه القرار الشجاع بتنفيذ الضربات الأميركية «الصاعقة» و»القوية»؛ أصدر فخامته خطابه المجلجل، الذي أوضح أن الولايات المتحدة اليوم إنما «انتصرت للعدالة» وشارحاً بكل شفافية أهداف الضربة، وموجهاً الدعوة للعالم المتحضر ليلحق بركب الولايات المتحدة الأميركية في الانتصار للإنسان السوري المقهور وانقاذه من آلة القتل.. والواقع أن هذه الضربة أعادت الأمور لنصابها فعلاً.. ولقيت تأييداً عالمياً واسعاً وكبيرا على جميع الصعد الرسمية والشعبية.. وعَرَّفت جميع القوى العابثة في حياة ومصير السوريين، حجمها الطبيعي.. أمام قوة العالم المتحضر الذي تقوده الولايات المتحدة الأميركية، والتي أوضحت مندوبتها في مجلس الأمن في وقت سابق و قبيل الضربة بسويعات أن دولاً ستتحرك بشكل منفرد في سوريا إذا ما عجز مجلس الأمن عن الاضطلاع بمسؤولياته..
هذه الضربة التي أصابت بشار وحلفاءه بالصدمة؛ جعلت أبواق شركاءه الإعلامية تسعى للتقليل منها.. عبر ادعاء أنها مجرد «ضربة رمزية» لتحسين موقف الولايات المتحدة التفاوضي كمقدمة لتفاهمات سياسية على المحور الروسي الأميركي.. تلك أمانيهم.. لكن الواقع أن الولايات المتحدة بإدارة الرئيس ترمب -الذي أضحى اليوم أيقونة وبطلا حقيقيا في نظر الكثيرين- قد تجاوزت هذه المرحلة، ولم تلق بالاً لرد فعل روسي ولا لغيره.. وأوصلت رسالة واضحة لا لَبْس فيها.. «أميركا اليوم عظيمة كما كانت» وأنها ستقود حلفاءها الدوليين للعمل معاً للانتصار للحق وللعدالة وأن زمن البلطجة والإرهاب والفوضى وتوظيف الإرهاب؛ قد ولّى لغير رجعة. إلى اللقاء